ان صلاح الديم الايوبي هو يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب الدُويني التكريتي (532 – 589 هـ / 1138 – 1193 م)، المشهور بلقب صلاح الدين الأيوبي قائد عسكري أسس الدولة الأيوبية التي وحدت مصر والشام والحجاز وتهامة واليمن في ظل الراية العباسية، بعد أن قضى على الخلافة الفاطمية التي استمرت 262 سنة. قاد صلاح الدين عدّة حملات ومعارك ضد الفرنجة وغيرهم من الصليبيين الأوروبيين في سبيل استعادة الأراضي المقدسة التي كان الصليبيون قد استولوا عليها في أواخر القرن الحادي عشر، وقد تمكن في نهاية المطاف من استعادة معظم أراضي فلسطين ولبنان بما فيها مدينة القدس، بعد أن هزم جيش بيت المقدس هزيمة منكرة في معركة حطين.
ما هي صفات صلاح الدين الأيّوبي,
لقد نشأ صلاح الدين نشأة قياديّة مُتميِّزة، وتعرَّض للعديد من التوجيهات العسكريّة والإسلاميّة، الأمر الذي أثَّر في شخصيّته وصقلَها، فقد أصبح فقيهاً وراوياً للحديث، كما كان يمتلك حماسة عالية في الشعر، إضافة إلى أنّه كان جديراً بالإمارة، وشجاعاً، ومقداماً، حيث إنّه كان كثير الغزوات، كما كان مجاهداً مثابراً، إذ كانت حياته كلّها جهاد، فهو ما إن يعود من غزو حتى يخرج إلى غزو آخر، كما عُرِف بالهمّة العالية، وبكرمه، وإحسانه، أمّا في مأكله، وملبسه، ومركبه، فقد كان بسيطاً جدّاً،
هذا ولم يكن يبحث عن ألقاب زائفة، كما لم تكن الدنيا ضمن همومه قطّ، وإنّما كان صاحب دين، وعقيدة، وكان يأخذ بالأسباب في جميع أموره.
وقد اتَّصفَ بعَدْله أيضاً؛ فلم يكن من أمر صلاح الدين الأيوبيّ أنّه حَكَم بناءً على التهمة أو الظن فقط، وإنّما كان يستدعي الشهود؛ ليسمع منهم عن أمر المُتَّهم؛ كي لا يظلمه، كما اتَّبع حُكْم الشريعة في حُكْمه وإمارته، حيث كان يجلس في كل اثنين وخميس من كلّ أسبوع، في مجلس عام؛ ليقيمَ العدل، وكان يحضرُ مجلسَه العديد من الفقهاء، والكثير من الناس، دون أيّ وجه تفرقة بينهم، ولعَدْله، وحكمته ساد العَدْل في البلاد، وقلَّ عدد المُفسِدين فيها، وأَمن الناس على أنفسهم، وأموالهم،
والجدير بالذكر أنّ صلاح الدين كان حريصاً على طلب العِلم، ولم يلهِه الجهاد في سبيل الله عن استمراريّة طَلَبه للعِلم، ومن الأمثلة على اهتمامه بطَلَب العِلم، أنّه كان يحثُّ الجنود على قراءة صحيح البخاري أثناء تجهيزهم لمعركة حطّين.
صلاح الدين الايوبي وفتح بيت المقدس,
لقد فتح صلاح الدين بيت المقدس من خلال معركة حطّين، في 4 تموز/يوليو من عام 1187م، أي ما يوافق 14 ربيع الآخر سنة 583هـ، في شمال فلسطين، حيث هزمَت جيوش صلاح الدين ملك القدس، وكانت واقعة حطّين من الأيّام التي سَطَّر فيها المسلمون مجدَهم، إذ كان عدد الصليبيّين نحو 63 ألف جنديّ، أُسِر منهم 30 ألفاً، وقُتِل منهم 30 ألفاً، كما فرَّ منهم نحو 3 آلاف من الجرحى، وحصلَ المسلمون على الكثير من الغنائم.
ألقى صلاح الدين القبض على حاكم الكرك أرناط، حيث كانت له أفعال مشينة ضدّ الإسلام والمسلمين؛ فقد قَتَل عدداً من الحُجّاج المسلمين، واستهزأَ بالرسول محمد عليه الصلاة والسلام، وعندما قَبض صلاح الدين عليه، أحضرَه أمام الناس، وقال لهم إنّه آن الأوان كي ينتصرَ للرسول عليه الصلاة والسلام، وضَرَب عنقَه، إلّا أنّه قَبْل أن يضرب عنقَه دعاه إلى الإسلام، ولكنّه رَفَض، فقَتَله، وبعد ذلك رَحل إلى صلاح الدين إلى عكّا، وقاتل الصليبيّين فيها، فانتصرَ عليهم، وأخذَها منهم، ثم انتشر جيشه في الساحل؛ للسيطرة على القلاع، والحصون المنيعة، ومن ثمّ انتقلوا إلى صيدا وسيطروا عليها، ومن ثمّ سيطروا على بيروت.
وعندما وَصَل صلاح الدين إلى عسقلان، والأماكن الأخرى حول القدس، اجتمعَ مع جيوشه، واتّجه معهم نحو القدس الشريف، ووَصَلوا إلى القدس سنة 583هـ في الخامس من شهر رجب، ونَصَب المجانيق؛ استعداداً للقتال، وعندما شَعرَ الصليبيّون بالخطر المحيط بهم، طلبوا الأمان، وفي 27 رجب في 583هـ، تسلَّم صلاح الدين مفاتيح بيت المقدس، ومنه أكمل فَتْح بقيّة بلاد الشام حتى وقعت جميعها بين يديه، وانتهت حروب الصليبيّين بانتصار صلاح الدين الأيّوبي، وصُلْحه معهم.
Views: 3