الغاية من موضوعنا هنا هي معرفت ديننا دون تشدد جزاكم الله خيرا الكفر في الشرع هم نوعان: كفر أكبر، وكفر أصغر.
النوع الأول: كفر أكبر يُخرج من الملة:
وهو جحد ما لا يتم الإسلام بدونه، وهو موجب للخلود في النار، ومخرج من الإيمان، ويكون بالاعتقاد، وبالقول، وبالفعل، وبالشكِّ، وبالترك.
وهذا الكفر خمسة أنواع، هي :
1- كُفرُ التَّكذيب: وهو اعتقاد كذب الرُّسل، والإخبار عن الحق بخلاف الواقع، أو ادعاء أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلّم جاء بخلاف الحق، وكذلك من ادعى أن الله تعالى حرم شيئًا أو أحله مع علمه بأن ذلك خلاف أمر الله ونهيه.
2- كفر إباء واستكبار مع التصديق: وذلك بأن يقر أن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلّم حق من ربه؛ لكنه يرفض اتباعه أشرًا وبطرًا واحتقارًا للحق وأهله. أو مثل كفر إبليس؛ فإنَّه لم يجحد أمر الله ولم ينكره، ولكن قابله بالإباء والاستكبار.
3- كفر الشكِّ أو الظن: بأن لا يجزم بصدق النبي ولا كذبه؛ بل يشك في أمره، ويتردد في اتباعه؛ إذ المطلوب هو اليقين بأن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلّم من ربه حق لا مرية فيه؛ فمن تردد في اتباعه لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلّم، أو جوز أن يكون الحق خلافه؛ فقد كفر كفر شك وظن.
4- كفر الإعراض: بأن يعرض بسمعه وقلبه عن الرُّسول r لا يصدقه ولا يكذبه، ولا يواليه، ولا يعاديه، ولا يصغي إليه البتة. ويترك الحق لا يتعلمه ولا يعمل به، ويهرب من الأماكن التي يذكر فيها الحق؛ فهو كافر كفر إعراض.
5- كفر النِّفاق: وهو إظهار الإسلام والخير، وإبطان الكفر والشر، أي: إظهار متابعة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلّم مع رفضه وجحده بالقلب، فهو مظهر للإيمان به ، مبطن للكفر، والمنافق يخالف قوله فعله، وسره علانيته.
والنفاق نوعان: نفاق اعتقاد، ونفاق عمل:
أولاً:ً: نفاق الاعتقاد، أو النفاق الأكبر؛ وهو المخرج من الملة:
وهو أن يبطن الكفر في القلب، ويظهر الإيمان على لسانه وجوارحه، وصاحبه من أهل الدرك الأسفل من النار، مثل من كذب بما جاء به الله، أو بعض ما جاء به الله، وكذب الرسول صلى الله عليه وسلّم، أو بعض ما جاء به الرسول، وكمثل من لم يعتقد وجوب طاعته صلى الله عليه وسلّم، أو أبغض الرسول صلى الله عليه وسلّم، أو كره الانتصار للدين أو سر بكسر راية الدين.. إلى غير ذلكم.
ثانيًا: نفاق العلم، أو النفاق الأصغر؛ وهو غير المخرج من الملَّة:
وهو النفاق العملي، وذلك بعمل شيء من أعمال المنافقين؛ مع بقاء الإيمان في القلب، وصاحبه لا يخرج من الملَّة، مثل: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر؛ كما جاء في الأحاديث النبوية.
هذه حالات الكفر التي يعتبر بها العبد كافرًا.
ولتقريب الصورة إلى الأذهان؛ يمكن تقسيم الكفر الأكبر إلى ثلاثة أقسام مع الأمثلة، وهي:
الأول الكفر بالاعتقاد: ويكون بمجرد الاعتقاد في القلب، وإن لم يتكلم أو يفعل شيئًا، وأسبابه كثيرة نذكر منها:
1- الجَحْد أو الشك في وجود الله تعالى، أو في ربوبيته، أو أُلوهيته، أو أسمائه وصفاته، أو أن يعتقد أنه لا بأس أن يُدعى مع الله غيره، ويستغاث به.
2- التكذيب أو الشك في رسالة محمَّد صلى الله عليه وسلّم وجحدِ عموم رسالته، وختمِه للنبوة.
3- الشك في شيء من أركان الإسلام الخمسة، أو أركان الإيمان الستة، أو الجنَّة ، أو النَّار، أو الثواب والعقاب، أو الجن أو الملائكة. أو شيء مما هو مجمع عليه كالإسراء والمعراج، وغيرها.
4- إنكار حرف من القرآن، أو اعتقاد زيادة حرف فيه.
5- الإيمان بشريعة غير الإسلام، واعتقاد صلاحيتها للبشر.
6- الإيمان بحلول الله تعالى في خلقه، أو وصف الله بصفة يجب تنزيهه عنها؛ كالشريك، أو الزوجة، أو الولد.
7- اعتقاد عدم وجوب شيء معلوم من الدِّين بالضرورة؛ كالصلوات الخمس، والزكاة، والصوم، والحج، وغيرها.
8- اعتقاد تحريم مباح معلوم من الدِّين بالضرورة؛ كالبيع والنكاح، أو الاعتقاد بإباحة محرم معلوم من الدِّين بالضرورة؛ كالقتل، والزنى، والربا.
9- اعتقاد أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلّم كتم شيئًا مما أوحى الله تعالى إليه وهو مأمور بتبليغه، أو بلغه لبعض المسلمين دون بعض.
10- تكذيب أي من رسل الله تعالى في أي أمر من الأمور الثابتة عنهم.
الثاني- الكفر بالفعل: أو الردة الفعلية، ومن الأمثلة عليه:
1- السجود لغير الله تعالى.
2- الاستهانة بالمصحف الشريف، أو إلقاؤه في القاذورات، أو دوسه بالقدم، وهكذا فعل أمثال هذه الأشياء بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
3- الطواف بقبور الأولياء والصالحين، وعبادة أهلها، وسؤالهم حاجتهم، والتقرب إليهم.
4- الذبح لغير الله تعالى؛ بنيَّة التقرب إليهم.
5- الحكم بغير ما أنزل الله؛ جحودًا واستحلالاً، أو التشريع المخالف لشرع الله، وتطبيقه، والإلزام به: فمن شرع حكمًا غير حكم الله تعالى، أو بدله ، أو عطل شرع الله تعالى وحكمه في عباده، ولم يحكم به، واستبدل له حكمًا طاغوتيًا وحكم به؛ فهو كافر كفرًا أكبر، ولا يشترط فيه الاستحلال؛ لأن مجرد فعله استحلالٌ لذلك، وتشريع من دون الله، ودليل على تسويغه اتباع غير شرع الله، ولو لم يصرِّح بلسانه.
6- ترك الصلاة كليًا: فترك الصلاة كليًا من حيث الجملة، أو تركها في الأعم الأغلب، مع الإقرار بوجوبها، وعدم جحود فرضيتها: هو الكفر الأكبر المخرج من الملة؛ لأن الإعراض عن الطاعة بالكليَّة؛ دليل لفقدان عمل القلب الذي هو شرط لصحة الإيمان.ولأنَّ الصلاة قرينة دالة على إسلام المرء ؛ تمنع من تكفيره، أو إساءة الظن فيه، قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، أكل ذبيحتنا؛ فذلك المسلم» [رواه البخاري]
الثالث- الكفر بالقول: ومن الأمثلة عليه:
1- سب الله تعالى أو نسبة العيب إليه، أو سب الرسول صلى الله عليه وسلّم أو أحد رسله عليهم السلام أو سب دين الإسلام.
2- الاستغاثة بالأولياء والصالحين عند الكرب والشدة، والنذر لهم.
3- الاستهزاء بالقرآن، أو بآية من آياته، أو بالرسول صلى الله عليه وسلّم، أو السخرية بأسماء الله تعالى، أو وعده بالجنة أو النار؛ كقول بعضهم: لو أعطاني الله الجنة ما دخلتها، لو شهد عندي الأنبياء والرسل بكذا ما قبلت شهادتهم، أو ما لحقني خير منذ صليت، أو دع الصلاة تنفعك، وكقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلّم لم يوجب علينا الصلاة أو الزكاة أو الصوم أو الحج.. إلى غير ذلك من الأقوال المكفرة التي تجري على ألسنة الناس في هذا الزمان، والله المستعان.
واعلم أخي المسلم: أن السخرية والاستهزاء بشيء مما سبق، ولو على سبيل المزاح؛ فهو كفر لأنَّه يدخل في باب الاحتقار والاستخفاف مما يجعل التلفظ بتلك الأقوال ردة عن الإسلام يجب على من وقعت منه النطق بالشهادتين فورًا، والاستغفار والندم، والعزم على أن لا يعود لمثله ابدا.
Views: 0