ﻗﺒﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ 1400 ﺳﻨﺔ ﺃﻧﺒﺄ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻋﻦ ﺧﻠﻖ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺻﻠﺼﺎﻝ ﻛﺎﻟﻔﺨﺎﺭ.. ﻭﻫﺬﻩ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺗﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ..ﺩﻋﻮﻧﺎ ﻧﺘﺄﻣﻞ….
ﻗﺎﻡ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻣﺆﺧﺮﺍً ﺑﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻄﻴﻦ ﺍﻟﺤﺎﺭ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺟﺪ ﺑﺎﻟﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺃﻣﺎﻛﻦ ﺍﻟﺒﺮﺍﻛﻴﻦ ﻓﻮﺟﺪﻭﺍ ﺃﻧﻪ ﻳﺤﻮﻱ ﻧﺴﺒﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﻋﻨﺼﺮ
ﺍﻟﺒﻮﺗﺎﺳﻴﻮﻡ ﻭﻋﻨﺼﺮ ﺍﻟﺼﻮﺩﻳﻮﻡ ﻭﺑﻌﺾ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻤﻐﺬﻳﺔ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺨﻼﻳﺎ ﺍﻟﺤﻴﺔ .
ﻓﻘﺪ ﻧﺸﺮ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ Dave Mosher ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻊ ﻧﺎﺷﻴﻮﻧﺎﻝ ﺟﻴﻮﻏﺮﺍﻓﻴﻚ [ 1 ] ﻣﻘﺎﻻً ﺣﻮﻝ ﻧﺸﻮﺀ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻴﻦ ﺍﻟﺤﺎﺭ
ﻭﺑﺨﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺗﺮﺑﺔ ﺍﻟﺒﺮﺍﻛﻴﻦ ﺍﻟﻤﻠﺘﻬﺒﺔ ! ﻓﻘﺪ ﻭﺟﺪ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻁ ﺑﺎﻟﻤﺎﺀ ﻭﻋﻨﺪ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﺣﺮﺍﺭﺓ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻓﺈﻧﻪ
ﻳﺤﻮﻱ ﻛﻤﻴﺎﺕ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﻋﻨﺼﺮ ﺍﻟﺒﻮﺗﺎﺳﻴﻮﻡ، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻟﻔﺖ ﺍﻧﺘﺒﺎﻩ ﺍﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﺣﻴﺚ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﻼﻳﺎ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﺗﺤﻮﻱ ﻛﻤﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻣﻦ
ﻋﻨﺼﺮ ﺍﻟﺒﻮﺗﺎﺳﻴﻮﻡ، ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺸﺎﺑﻪ ﺭﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺆﺷﺮﺍً ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻧﺸﺄﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺮﺍﻛﻴﻦ !
ﺇﻥ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﺒﺮﻛﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﺭﺓ ﻏﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﻤﻐﺬﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺎﺟﻬﺎ ﺍﻟﺨﻼﻳﺎ ﻟﻠﺘﺸﻜﻞ . ﻭﻣﺎ ﻳﺪﻋﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻋﺜﺮﻭﺍ
ﻋﻠﻰ ﻛﺎﺋﻨﺎﺕ ﺑﺪﺍﺋﻴﺔ ﺗﻌﻴﺶ ﻭﺗﺘﻐﺬﻯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﻨﺎﺑﻴﻊ ﺍﻟﺤﺎﺭﺓ ﻭﺑﺨﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻕ ﺍﻟﻤﺤﻴﻄﺎﺕ، ﻭﺑﺎﻟﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺮﺍﻛﻴﻦ ..
ﺇﻥ ﺍﻟﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻼﻳﺎ ﻳﺸﺒﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩ ﻓﻲ ﺃﺑﺨﺮﺓ ﺍﻟﺒﺮﺍﻛﻴﻦ ﺍﻟﺤﺎﺭﺓ . ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﺤﺎﺭﺓ ﺍﻟﻐﻨﻴﺔ
ﺑﺎﻟﻜﺎﻟﺴﻴﻮﻡ ﻭﺍﻟﺼﻮﺩﻳﻮﻡ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﻤﻐﺬﻳﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺗﺘﺸﺎﺑﻪ ﻣﻊ ﺗﺮﻛﻴﺐ ﺍﻟﺨﻼﻳﺎ ﺍﻟﺤﻴﺔ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻓﺮﺿﻴﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻧﺸﺄﺕ ﻓﻲ
ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﻓﻐﻴﺮ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ ﻷﻥ ﺑﻴﺌﺔ ﺍﻟﻤﺤﻴﻄﺎﺕ ﻻ ﺗﺤﻮﻱ ﻧﺴﺐ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻮﺗﺎﺳﻴﻮﻡ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻓﻲ ﺗﺮﺑﺔ ﺍﻟﺒﺮﺍﻛﻴﻦ .
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ Armen Mulkidjanian ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ
University of Osnabrück ﺑﺄﻟﻤﺎﻧﻴﺎ :
ﺇﻥ ﺍﻟﺒﺮﻭﺗﻴﻨﺎﺕ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺨﻼﻳﺎ
ﺗﺤﺘﺎﺝ ﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﻋﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻮﺗﺎﺳﻴﻮﻡ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﻳﺘﻮﺍﻓﺮ ﺑﺎﻟﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻴﻨﺎﺑﻴﻊ ﺍﻟﺤﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﺒﺮﺍﻛﻴﻦ ﻭﺍﻟﺤﻤﻢ
ﺍﻟﻤﻨﺼﻬﺮﺓ …
ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺗﻄﻮﺭ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ
ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺪﺍﺭﻭﻳﻦ ﺃﻧﻪ ﺍﻋﺘﺒﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﺟﺎﺀﺕ ﺑﺎﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﻭﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﻌﻄﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮﺍً ﻋﻠﻤﻴﺎً ﻟﻮﺟﻮﺩ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺧﺎﻟﻖ ! ﻭﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻓﺘﺮﺍﺽ ﻭﺿﻊ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ . ﻓﺎﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻟﻢ ﺗﺮﺍﻋﻲ ﻭﺟﻮﺩ ﺇﻟﻪ
ﻋﻈﻴﻢ ﻟﻠﻜﻮﻥ، ﺑﻞ ﺍﻓﺘﺮﺿﺖ ﻣﺴﺒﻘﺎً ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﺇﻟﻪ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺑﻘﻴﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺨﺒﻂ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻭﻟﻢ ﺗﻔﺴﺮ ﺃﻱ
ﺷﻲﺀ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻨﻄﻘﻲ .. ﺍﻟﻬﻢ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﻛﺎﻥ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺧﺎﻟﻖ !
ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻨﺎ ﻛﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻻ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻧﻘﺒﻞ ﺃﻥ ﺧﻼﻳﺎ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﺗﺮﻛﻴﺐ ﻣﺘﺸﺎﺑﻪ، ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ
ﻭﺍﺣﺪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ .. ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ .
ﻓﻨﺤﻦ ﻧﻌﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺧُﻠﻖ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ، ﻭﺍﻟﺘﺸﺎﺑﻪ ﺑﻴﻦ ﺧﻼﻳﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ
ﻭﺧﻼﻳﺎ ﺍﻟﻘﺮﺩ ﻣﺜﻼً ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪ ﺑﺘﻄﻮﺭ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻵﺧﺮ، ﺑﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺸﺎﺑﻪ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﻭﺍﺣﺪ .
ﻓﺎﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺧﻠﻖ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﺁﺩﻡ .. ﻭﻫﻮ ﺃﻭﻝ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻣﻦ ﻃﻴﻦ ﻭﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺣﻴﺚ ﻧﻔﺦ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺭﻭﺣﻪ، ﺧﻠﻘﻪ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ
ﻣﻌﻘﺪﺓ ﺗﻔﻮﻕ ﻗﺪﺭﺍﺗﻨﺎ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ، ﻭﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻱ ﻣﺒﺮﺭ ﻋﻠﻤﻲ ﻟﻠﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺟﺎﺀ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﻘﺮﺩ ﻋﺒﺮ ﻣﻼﻳﻴﻦ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ .
ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺻﺤﻴﺤﺔ ﻻﺳﺘﻄﻌﻨﺎ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺣﺪﻭﺙ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ، ﻷﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻻ ﺯﺍﻟﻮﺍ ﻋﺎﺟﺰﻳﻦ ﻋﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ
ﻛﻴﻒ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﻗﺮﺩ، ﻭﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺖ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ، ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﻟﻢ ﻳﺤﺪﺙ
ﺃﺑﺪﺍً !
ﻭﺍﻟﺨﻼﺻﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺸﺎﺑﻪ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﺪﺭﺝ ﻓﻲ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻟﻴﺲ ﺩﻟﻴﻼً ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﻄﻮﺭﺕ ﻣﻦ ﺑﻌﻀﻬﺎ،
ﺑﻞ ﻫﻮ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﺑﺪﻉ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺭﺍﺋﻌﺔ، ﻓﺠﺎﺀﺕ ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺔ ﻓﻲ ﺗﺮﻛﻴﺒﻬﺎ، ﻭﻣﺘﺪﺭﺟﺔ ﻭﻓﻖ ﻧﻈﺎﻡ
ﻣﻘﺪﺭ ﻭﻣﺤﻜﻢ ﻭﻳﺸﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﺩﻗﺔ ﺍﻟﺼﺎﻧﻊ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ .
ﻭﻧﺼﻴﺤﺘﻲ ﻟﻚ ﻣﻦ ﻳﺪﺭﺱ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ ﻭﻳﻤﺮ ﺑﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺃﻥ ﻳﻀﻊ ﻧﺼﺐ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ، ﻭﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ
ﺗﻨﺎﻗﺾ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺗﻔﺴﻴﺮﻧﺎ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ . ﻓﻨﺤﻦ ﻧﻌﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺧُﻠﻘﺖ
ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺑﺪﻳﻌﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ، ﺑﻞ ﺇﻥ ﻛﻞ ﺫﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺗﺨﻀﻊ ﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻻ ﻳﻐﻴﺐ ﻋﻨﻪ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺒُﺮ
ﺃﻭ ﺻﻐُﺮ .
ﺇﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﺗﺸﺎﺑﻪ ﺑﻴﻦ ﺗﺮﻛﻴﺐ ﺍﻟﺨﻼﻳﺎ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻄﻴﻦ ﺍﻟﺤﺎﺭ، ﻓﻬﺬﺍ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺧُﻠﻖ ﻣﻦ
ﻃﻴﻦ ﺣﺎﺭ، ﻭﺻﻔﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺎﻟﺤﻤﺄ ﺍﻟﻤﺴﻨﻮﻥ . ﻭﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﺧُﻠﻘﺖ ﻣﻦ ﻃﻴﻦ، ﻓﻬﺬﺍ ﻻ
ﻳﻨﺎﻗﺾ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ..
ﻭﺍﻵﻥ ﺩﻋﻮﻧﺎ ﻧﺘﺄﻣﻞ ﺑﻌﺾ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻋﻦ ﺧﻠﻖ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ، ﻭﻛﻴﻒ ﺟﺎﺀﺕ ﻣﻄﺎﺑﻘﺔ ﻟﻤﺎ ﻳﻜﺘﺸﻔﻪ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ
ﺍﻟﻴﻮﻡ .
ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ( ﻭَﻟَﻘَﺪْ ﺧَﻠَﻘْﻨَﺎ ﺍﻟْﺈِﻧْﺴَﺎﻥَ ﻣِﻦْ ﺻَﻠْﺼَﺎﻝٍ ﻣِﻦْ ﺣَﻤَﺈٍ ﻣَﺴْﻨُﻮﻥٍ ) [ ﺍﻟﺤﺠﺮ : 26 ]، ﻭﺍﻟﺼَّﻠْﺼَﺎﻝُ : ﻃﻴﻦ ﻳﺎﺑﺲ ﻟﻢ ﺗﺼﺒﻪ ﺍﻟﻨّﺎﺭ، ﺃﻭ
ﻃﻴﻦ ﻣﺨﻠﻮﻁ ﺑﺮﻣﻞ . ﻭﺍﻟﺤﻤﺄ : ﺟﻤﻊ ﺣﻤﺄﺓ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻄﻴﻦ ﺍﻟﻤﺘﻐﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻮﺍﺩ .
ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎً : (ﺇِﻧَّﺎ ﺧَﻠَﻘْﻨَﺎﻫُﻢْ ﻣِﻦْ ﻃِﻴﻦٍ ﻟَﺎﺯِﺏٍ ) [ ﺍﻟﺼﺎﻓﺎﺕ : 11 ]، ﻭﺍﻟﻄﻴﻦ ﺍﻟﻼﺯﺏ ﻫﻮ ﺍﻟﻄﻴﻦ ﺍﻟﻼﺻﻖ، ﻭﺍﻟﻼﺯﺏ : ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﺰﻕ
ﺑﺎﻟﻴﺪ . ﻭﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ، ﻋﻦ ﻣﺠﺎﻫﺪ، ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ( ﻣﻦ ﻃﻴﻦ ﻻﺯﺏ ) ﻗﺎﻝ : ﻫﻮ ﺍﻟﻄﻴﻦ ﺍﻟﺤﺮ ﺍﻟﺠﻴﺪ ﺍﻟﻠﺰﺝ .
ﻭﻗﺎﻝ ﻣﺠﺎﻫﺪ ﻭﺍﻟﻀﺤﺎﻙ : ﻣﻨﺘﻦ .
ﻭﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ( ﺧَﻠَﻖَ ﺍﻟْﺈِﻧْﺴَﺎﻥَ ﻣِﻦْ ﺻَﻠْﺼَﺎﻝٍ ﻛَﺎﻟْﻔَﺨَّﺎﺭِ ) [ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ : 14 ]، ﻭﺍﻟﻔﺨﺎﺭ : ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﻃُﺒﺦ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻴﻦ ﺑﺎﻟﻨﺎﺭ …
ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺗﺆﻛﺪ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻗﺪ ﺧﻠﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻴﻦ ﻭﻟﻜﻦ ﻃﻴﻦ ﻣﺴﺨﻦ ﻭﻳﺎﺑﺲ، ﺃﻱ ﻣﺮّ ﺑﻤﺮﺍﺣﻞ ﻛﺜﻴﺮﺓ ( ﺗﺮﺍﺏ ﺧُﻠﻂ ﺑﺎﻟﻤﺎﺀ
ﺍﻟﺤﺎﺭ ﻭﺗﻢ ﺗﺴﺨﻴﻨﻪ ﻭﻣﻀﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺯﻣﻦ ﻣﺤﺪﺩ ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻠّﺐ ﻭﺃﺻﺒﺢ ﺃﻣﻠﺴﺎً … )، ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺫﻛﺮﻫﺎ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻻ ﺗﺨﺎﻟﻒ
ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﺣﻮﻝ ﻧﺸﻮﺀ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺮﺍﻛﻴﻦ .
ﻭﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﻌﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺧُﻠﻖ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺇﻛﺮﺍﻣﺎً ﻟﻪ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ
ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻭﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻠﻪ ﻣﻤﻴﺰﺍً ﻋﻠﻰ ﺑﻘﻴﺔ ﻛﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﻜﻮﻛﺐ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﺧﻠﻖ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ
ﺧﺎﺻﺔ، ﻭﺇﻥ ﺍﻛﺘﺸﺎﻑ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﺸﺎﺑﻪ ﺑﻴﻦ ﻃﻴﻦ ﺍﻟﺒﺮﺍﻛﻴﻦ ﻭﺗﺮﻛﻴﺐ ﺧﻼﻳﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ، ﻟﻬﻮ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﻕ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺤﻖ
ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ .. ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ .
Views: 0