الثورة العلميّة والتكنولوجيّة
يعرف هذا العصر بعصر الثورة العلميّة والتكنلوجيّة، وقد شملت هذه الثورة جميع مجالات وجوانب حياة البشر، بالإضافة إلى أنّها فتحت العديد من الآفاق، وغيّرت الكثير من النظريّات والأفكار التي كانت سائدةً في الفترات السابقة لهذه الثورة. نجمت هذه الثورة أساساً عن التقدم الكبير في العلوم، ومثال على ذلك التقدم الذي حصل في العلوم التطبيقيّة ( الفيزياء، وعلوم الحياة والكيمياء) والرياضيّات العالية، على النقيض تماماً من الثورة الصناعيّة التي سادت العقود المنصرمة والتي انطلقت نتيجةً لاستغلال الآلات الصناعيّة والمكائن.
إنّ التطوّر الذي حدث في الرياضيّات أدّى إلى حدوث تقدّمٍ في الفيزياء، كما أنّ صناعة السفن الفضائيّة وغزو الفضاء والخروج إليه بشكلٍ علميٍ وعملي خارج نطاق الجاذبيّةِ الأرضيّة أدّى إلى نشأة وتطوّر الحسابات الإلكترونيّة. نتيجةً لكل ما ذكر فإنّ العلم قد تجاوز عمليّة إنتاج الأدوات التي تُخفّف من عبء الجهد العضلي إلى أدواتٍ تمارس جميع العمليّات الذهنيّة المذهلة، حتى إنّ بعض هذه الأدوات قد وصلت لإنجاز الملايين من الحِسابات المُعقدة في وقتٍ قياسي قد يصل إلى جزءٍ من الثانية، هذا بالإضافة للقدرة الهائلة على حفظ وتخزين المعلومات.
سمات الثورةِ العلميّة والتكنولوجيّة المعاصرة
امتازت الثورة العلميّة والتكنولوجيّة المعاصرة بظهور عددٍ من الفروع العلميّةِ الجديدة، وذلك خلال الثلث الأخير من القرن المنصرم نتيجةً لتسارع واتساع نطاق المعرفة النظريّة، بالإضافةِ لتشعّب العديد من فروعها ومجالاتها، وزيادة المدّةِ الزمنيّة للتخصّص العلمي وعمليّة تطبيق مجالاته بسبب التطوّر المذهل الذي حدث للعلوم الطبيعيّة والأساسيّة الأخرى، بالإضافة للتطور الهائل قي الرياضيّات العالية حتى أواسط القرن الماضي، وعمليّة الكشف عن أسرار الطبيعة الحيّة والجامدة نتيجةً لتغلغلها في أعماقها، ومن السمات المهمّة لهذه الثورة العلميّة والتكنولوجيّة المُعاصرة ما يلي:
السرعة الفائقة والقياسيّة والتي تتزايد باستمرار لمسيرة التقدّم العلمي والتكنولوجي، وهذا الأمر أدّى ويؤدّي إلى السعي الجاد لتقليص الفجوةِ الزمنيّة التي تفصل ما بين المعرفة النظريّة للاستكشاف العلمي وبين التطبيق التكنولوجي على صعيد العالم؛ فمن المعروف بأنّ الفترة التي امتدت منذ اكتشاف الورق، وتطبيق هذا الاكتشاف امتدّت زهاء الألف عام.
فيما يتعلّق بالتصوير الفوتوغرافي؛ فقد استغرق تطبيق هذه الصناعة حوالي مائة عام ونيف؛ حيث إنّ صناعة التصوير نظريّاً كانت سنة ألفٍ وسبعمئةٍ وسبعٍ وعشرين، وتمّ استخدام وتطبيق تقنية التصوير بشكلٍ عملي عام ألفٍ وثمانمئةٍ وتسعٍ وثلاثين، وبعد اختراع الآلةِ البخاريّة أصبحت هذه الفترة لا تتجاوز التسعين عاماً، أما البنسلين فقد كانت الفترة الزمنيّة التي تفصل بين اكتشافه وتطبيقه اثني عشر عاماً، وستّ سنوات هي الفترة التي استغرقت التطبيق العملي للقنبلةِ الذريّة، وخمسة أعوام لزمت للتطبيق العملي للترانزستور، وتقلّصت هذه الفترات لعامين أو حتى بضعة شهور بفضل الثورة العلميّة والتكنولوجيّة في تاريخنا المعاصر,
Views: 7