قد لا يخضع جميع السوريين لقانون موحد للأحوال الشخصية، بل لمجموعة قوانين حسب الانتماء المذهبي، فبموجب الدستور السوري،
فإن قانون الأحوال الشخصية يتبع الأحكام الدينية الخاصة بكل طائفة. أقدم شكل للأحوال الشخصية في العصور الحديثة، لم تكن تعتمد على وثيقة مكتوبة، بل إنّ رجال دين كل طائفة يحكمون بأحكام الزواج والطلاق والميراث وسواها.
أقدم تنظيم مكتوب يعود لعهد السلطان عبد العزيز الأول المعروف باسم “مجلة الأحكام العدلية” الصادر عام 1864 والمشتقة من الفقه الحنفي، والمقتصر تطبيقها على السُنّة، واعتبرت “ثورة في زمانها” رغم معارضة الأئمة المحافظين عليها. سوى تقنين أحكام الشريعة في وثيقة واحدة ملزمة،
فإن القانون قد نصّ للمرة الأولى على إنشاء محاكم مختلطة في حال كون المتخاصمين من مذهبين مختلفين، وقبول شهادات غير المسلمين في هذه المحاكم، كما اختصر نطاق المحاكم الشرعية بحيث سلخ عنها الفرع التجاري، ثم الفرع الجنائي.
حاول الانتداب الفرنسي تطبيق نظام موحد للأحوال الشخصية مستمد من القانون الطبيعي، لكنه فشل بنتيجة احتجاجات عام 1939، فاقتصر تطبيقه على غير المسلمين، ثم ألغي من أساسه. التعديل الأساسي الذي تمّ خلال مرحلة ما بعد العثمانيين، تمثل بقيام قضاة مدنيين بإدارة السلك القضائي بدلاً عن رجال الدين، الذين اقتصر دورهم على الناحية الدينية.
خلال عهد الجمهورية الأولى صدر قانون خاص بأحوال الطائفة الدرزية عام 1948، ثم قام حسني الزعيم بتمرير قانون للأحوال الشخصية عام 1949 مستمد من القانونين المصري والفرنسي، واعتمد الفقه الحنفي أيضًا، وشمل تطبيقه جميع السوريين عدا الدروز، وخصص فيه فصل لأحكام الزواج عند المسيحيين واليهود فحسب، أما في باقي الأحكام فالمعمول به هو الفقه الحنفي ذاته.
بعد استلام بشار الأسد للسلطة فصل المسيحيون تباعًا عن قانون الأحوال الشخصية لعام 1949، فصدر قانون للكنيسة الأرثوذكسية ثم قانون للكنيسة الكاثوليكية عام 2006؛
أما تحديث قانون الأحوال الشخصية لعام 1949 بالنسبة للمسلمين، فكان أشبه بتعديلات طفيفة، دبجّت وصدرت بقانون جديد عرف أنه قانون العام 2010، والذي وجهت إليه انتقادات كثيرة خصوصًا حقوق المرأة وحقوق الطفل، وضعف تحديث الشرع والاجتهاد، وأنه “يفيض ذكورية”.
Views: 36