إن الهموم والأحزان ومشاعر الاكتئاب والاحباط طبيعية في النفس البشرية ، ولكن من غير الطبيعي أن تستمر مع الإنسان طويلاً ، فتكون هي الأصل فتتأثر السلوكيات بها ويتحرك المرء على أنه إنسان محبط ومكتئب ، ويبرر لنفسه عواقب أفعاله التي بالطبع لن ترضي أحداً ، وهو نفسه أولهم .
لكن قبل التعمق في قضايا الاكتئاب والاحباط والمشاعر السلبية التي تسيطر على البعض منا الى درجة لا يكاد ينفك منها ،
دعونا نفكر فيما حولنا من أمور وأشياء ، ونرى كيف يأتي الاحباط ويتغلغل الى النفس وكيف تنشأ المشاعر غير المرغوبة لنا ، السلبية وغير الواقعية ..
لابد من الاعتراف أن الإنسان هو السبب الأول أو انه هو من يصنع لنفسه تلك المشاعر ويوحي إلى عقله الباطن بحقائق وهمية غير واقعية ولا صحيحة، فيأخذها هذا العقل فيتصرف على أنها حقائق صحيحة ،
فتكون النتيجة بالنهاية ، سلوكيات يقوم بها صاحبه مغلفة بالإحباط واليأس والنظرة التشاؤمية الى كل ما حوله من بشر وأحياء وجمادات !
لن نطيل في الحديث عن الأسباب والمسببات ،
لكن الأهم في ظني هو كيفية التعامل مع الحالة إن هبطت على أحدنا .. وحتى تتمكن من مقاومة هذه الحالة بكل اختصار، إن وقعت يوماً ضحية هجوم شرس لمشاعر سلبية محبطة وكئيبة أن تقوم بالآتي ..
ابدأ على الفور بإحضار ورقة وقلم .. ستقول لي :
إنني في تلك الحالة لا أطيق نفسي ، فكيف تريدني أن أحضر ورقة وقلماً بل وأبدأ بالكتابة !! سأقول لك : نعم . جرب ولن تخسر ، فهي لن تأخذ منك سوى دقائق ، بل إن تلك الورقة والقلم هما جزء مهم لانتشالك مما أنت فيه حينئذ !
بعد أن تحضر ورقة وقلماً وتبدأ تقسم الصفحة الى قسمين بالطريقة التي تشاء .. ثم قم بتسمية القسم الأول بقائمة التعاسة والقسم الثاني بقائمة السعادة وتكتب الآتي .. في قائمة التعاسة التي أنصح أن تبدأ بها ، اكتب كل ما يدفعك إلى الشعور بالتعاسة والاحباط واليأس .. اكتب أي شيء، سواء كان انساناً أو عملاً ما أو هدفاً أو أي أمر آخر ترى أنه سبب تعاستك .
ثم ابدأ اكتب في القائمة الثانية كل ما يسعدك ويكون سبباً لراحتك النفسية .
بعد أن تنتهي من كتابة القائمتين ،
أنظر إليهما وتمعن جيداً. سترى عجباً..
قائمة التعاسة مهما بالغت وأكثرت في احصاء مسببات تعاستك لن تجدها بالكثرة التي كنت تتخيلها ،
لكن بالمقابل ستجد قائمة السعادة أكثر مما كنت تظن ،
بل ربما الورقة تلك لا تكفيك لحصر بعض مسببات سعادتك في هذه الحياة وليس كلها .. فقط اقرأ بعض ما بقائمة السعادة مثلاً وأنت في ساعة التعاسة تلك ،
ستجد أنك قمت من نومك دون مساعدة من أحد ،
ووجدت نفسك تبصر وتسمع وتتنفس الهواء وتحرك اعضائك كلها ، ووجدت نفسك في بيت دافئ وسرير مريح وعائلة تحيط بك ،
قل أو كثر عددها ،
ووجدت نفسك تشرب كأساً من الماء دون مشكلات ،
وربما طلبت كوباً من القهوة لتعديل مزاجك فتشربه دون مشكلات ..
أتريدني أن أستمر في تعداد مسببات السعادة ؟
الآن .. أي القائمتين أحق بالاهتمام ؟
جوابك علاجك ،
والقرار إليك .
Views: 0