القائد الأردني ” عبدالله التل ”
💥بطل معركة القدس💥
ربما لا يعرفه الكثيرون ولم يسمعوا عنه من قبل، لكن سيظل التاريخ يذكره، على أنه من أبرز الشخصيات التي لعبت دورا رئيسا في الصراع العربي الصهيوني، منذ بداية عام 1948م،
فقد قاد المعارك البطولية ضد المستعمرات اليهودية، قبل دخول الجيوش العربية إلى فلسطين في 15 مايو 1948م، ودخل على رأس الكتيبة السادسة التابعة للجبهة الأردنية مدينة القدس، فعمد إلى تطهيرها من القوات اليهودية، وحمايتها من الهجمات المتكررة لاحتلالها.
هو القائد العسكري الأردني والمفكر القومي الإسلامي عبد الله التل، الذي لم يكن غريبا ــ نتيجة للانتصارات التي حققها في الميدان العسكري والسياسي خلال تلك الحرب، وشجاعته منقطعة النظير ــ أن يبرز اسمه ويلمع في وقت قصير على الساحة العربية والدولية، في النصف الثاني من أربعينيات القرن الماضي، حتى أصبحت إنجازاته العسكرية وتصريحاته السياسية وصوره الشخصية، تتصدر الصفحات الأولى، وبعناوين بارزة متواترة في الصحافة العربية والعالمية، واستحق أن يمنح لقب بطل معركة القدس، من الأوساط الرسمية والشعبية.
نشأته
وُلد عبد الله في مدينة “إربد” عام 1918م وهناك أتم دراسته
عمل بعدها ولمدة خمس سنوات موظفًا مدنيا في مديرية الجوازات الأردنية، كما حصل على دورة أركان الحرب من بريطانيا عام 1946م، ثم ماجستير آداب من جامعة الأزهر 1965م.
بدأ سيرته العسكرية بالعمل ملازما في الجيش العربي عام 1942م، ثم تم تعيينه حاكما عسكريا للقدس في الفترة 1948م-1949م، وبسبب شجاعته وكفاءته سجل التل سابقة حميدة في الجيش العربي، حين حصل على أربع ترقيات عسكرية خلال ست سنوات.
معركة القدس
لما اشتد وطيس المعارك بين العصابات الصهيونية والجيوش العربية، قام بطلنا بتشديد الخناق على اليهود ومحاصرتهم في المدينة القديمة، إلى أن قام موشه روزنك قائد الهاجناه الصهيونية بالقدس، بالموافقة على الاستسلام،
حينئذ قدم البطل عبد الله التل شروطه، والتي كانت عبارة عن إلقاء السلاح وتسليمه للجيش العربي،
وأخذ جميع المحاربين من الرجال اليهود أسرى حرب،
والسماح للشيوخ من الرجال والنساء والأطفال ومن كانت جراحهم خطيرة، بالخروج إلى الأحياء اليهودية في القدس الجديدة بواسطة الصليب الأحمر،
وأن يتعهد الفريق الأول (العرب) بحماية أرواح جميع اليهود المستسلمين،
وأخيرا أن يحتل الجيش العربي الأحياء اليهودية في القدس القديمة.
الخيانة
هذه الشروط كتبها التل في وثيقة بتاريخ 28 / 5 / 1948، لكن وقبل موافقة الصهاينة عليها حدث ما لم يكن في الحسبان، وهو ما يصفه القائد البطل عبدالله التل في كتابه أو مذكراته المهمة ( كارثة فلسطين )، الذي أوضح فيه أن النصر على اليهود كان قاب قوسين أو أدنى بسبب تضييق الحصار عليهم، إلا إن الخيانات والتدخل البريطاني والأمريكي باقتراح الهدنة التي ساعدت اليهود حالت دون ذلك .
يقول القائد في كتابه” كارثة فلسطين” :”حينما أيقنت بريطانيا من قرب هلاك ربيبتها إسرائيل، ولم يمض على دخول الجيوش العربية إلى فلسطين أكثر من أسبوعين، سارعت لنجدة اليهود –سياسياً- تلبية لاستغاثة كبار الصهيونيين، الذين نشطوا لإقناع الإنكليز والأمريكان بخطورة الوضع في فلسطين. فتقدم المندوب البريطاني لمجلس الأمن في آخر شهر مايو 1948، باقتراح يقضي بوقف القتال لمدة أربعة أسابيع، وتعيين وسيط دولي للتوفيق بين العرب واليهود. وقد استخدمت بريطانيا نفوذها للتأثير في جميع أعضاء مجلس الأمن؛ فأقر المجلس الاقتراح البريطاني في 29 مايو 1948، بوقف القتال في فلسطين لمدة أربعة أسابيع، وتعيين الكونت برنادوت وسيطاً منتدباً من قبل هيئة الأمم مهمته التوفيق بين العرب واليهود”.
الجريمة الكبرى
ويضيف: ” بعد أن أبلغ مجلس الأمن قراره إلى اليهود والدول العربية، وطلب الرد على هذا القرار، اجتمعت اللجنة السياسية لجامعة الدول العربية في عمان، لدراسة قرار مجلس الأمن واتخاذ الخطوات اللازمة بشأنه”.
ويقول التل واصفا تفاصيل الجريمة: “وهكذا وافقت الدول العربية على قرار الهدنة بعد أن اشترطت أموراً معينة، ما لبثت أن سحبت شرطها عليها بعد أن سعى برنادوت وأقنعها بقبول حله الوسط” !
ويتابع قائلا: “ليس لي إلا أن أصفها بالجريمة الكبرى! وهي أخف وصف يمكن أن توصف به موافقة الجامعة العربية على شروط الهدنة، التي قدمها برنادوت بدون قيد أو شرط، فقد وافق أعضاء اللجنة السياسية على أكبر خطيئة في تاريخ الحروب بالشرق العربي؛ ألا وهي السماح بفك الحصار عن مدينة القدس، وإنقاذ مئة ألف يهودي كانوا على وشك التسليم أو الموت جوعاً وعطشاً”.
ويضيف في حزن: “وافقوا قبل أن يفكروا قليلاً في نتائج ما أقدموا عليه،
وافقوا قبل أن يفكر أحدهم فيما سيقع بعد عشرة أيام فقط من ذلك اليوم المشئوم،
وافقوا قبل أن يفهموا أن القدس هي كل شيء في فلسطين، وأن من يحتلها ينهي المعركة كلها،
وافقوا قبل أن يسألوا ليفهموا: كيف كانت حال مائة ألف يهودي في القدس، هم سُُبع يهود فلسطين؟!
وافقوا قبل أن يسمعوا ما يقوله القائد العربي في تلك المدينة العظيمة، وقبل أن يعلموا مقدار الدماء والدموع والجهود التي بذلناها في القدس، حتى جعلناها تترنح لتهوي صاعقة على رأس الصهيونية فتزيلها إلى الأبد.
وافقوا قبل أن يفكروا قليلاً في نوايا الإنجليز وعزمهم على إنقاذ الصهيونية، وخاصة في القلب “فلسطين”،
وافقوا قبل أن يسيئوا الظن قليلاً بشروط الهدنة، ويفرضوا شرطًا واحدًا على الأقل لمراقبة طريق الحياة للقدس، وجعل تموين اليهود تحت إشراف العرب، لقد وافقوا ولو لم يفعلوا لتغير مجرى الحرب في فلسطين”.
انتصار عسكري وحيد
ويعتبر محللون عسكريون أن عملية الدفاع عن مدينة القدس، التي قادها التل، تمثل الانتصار العسكري الوحيد ذا الأهمية، الذي سجلته الجيوش العربية في حرب فلسطين ١٩٤٨م- ١٩٤٩م.
رحلة اللجوء
لم يعد التل إلى الأردن بعد ذلك، واضطر التل إلى اللجوء إلى مصر حيث أمضى ما يقارب عشرين عاما كلاجئ سياسي هناك.عاد عبد الله التل إلى الأردن بعد أن أصدر الملك الحسين بن طلال قانون العفو العام يوم 14 أبريل/نيسان 1956.وقد احتفى به النظام الأردني لاحقا فشغل عدّة مناصب رسميّة بينها محافظ بوزارة الداخلية ومستشار بوزارة الأوقاف، كما عمل سفيرا بالخارجية، وعيّنه الملك عضوا بمجلس الأعيان عام 1971 تقديراً لجهاده، وبقي في هذا المجلس حتى وفاته.
الوفاة
توفي التل بمدينة إربد يوم 13 أغسطس/آب 1973 ودفن بها، وقد أوصى بنقل رفاته إلى القدس بعد تحريرها.
Views: 60