تعرف على مدينة التعليم المجاني في التاريخ الإسلامي
قرطبة.أعظم مدن المسلمين بالأندلس شهدت نهضة علمية كبرى وكانت مدينة التعليم المجاني الإسلامية بحق
مدينة قرطبة أعظم مدن المسلمين بالأندلس صارت في منتصف (القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي) مدينة عصرية وحاضرة للعلوم، ليس في الأندلس فحسب، بل في العالم كله؛ حيث كانت تأتي إليها البعثات الغربية لتستضيء بنورها من ظلمات الجهل الذي غرقت فيها أوربا قرونًا.
فقد انتشرت فيها المدارس لتعليم المسلمين وغير المسلمين، وانتشرت المكتبات الخاصَّة والعامَّة، حتى صارت هي أكثر بلاد الله كُتبًا، وغَدَتْ مركزًا ثقافيًّا ومجمعًا علميًّا لكل العلوم وفي شتى المجالات.
كما نبغ في قرطبة كثير من الأدباء والعلماء والأئمة في شتَّى فروع المعرفة، وكان لهم بلا شكٍّ دور بارز في تسيير الشأن العام سياسيًّا وعلميًّا في آن واحد.
بل إن قرطبة كانت المدينة الأولى في نظام التعليم المجاني ففي عصر الحكم المستنصر الخليفة الأموي تم تخصيص ميزانية دائمة للتعليم المجاني لأبناء الشعب؛ حيث كان ينفق على المعلمين الذين قد اتخذهم لتعليم أولاد الضعفاء والمساكين بقرطبة وهذا يعني أن الدولة قد تبنت تخصيص مصروفات للمدارس.
وبلغ عدد المدارس المجانية في قرطبة 277 مدرسة مجانية، منها ثلاث مدارس ازدهرت في المساجد، و24 مدرسة في أحياء قرطبة المختلفة؛ ونتيجة لذلك شهد التعليم في عهد الحكم المستنصر نهضة عظيمة، فانتشرت بين أفراد الشعب القراءة والكتابة، وتقلصت الأمية بين العامة.
كما عرفت قرطبة بمسجدها العظيم الذي لم يقتصر دوره على العبادة فقط، وإنما كان – أيضا – جامعة علمية تعد من أشهر جامعات العالم آنذاك وأكبر مركز علمي في أوربا، ومن خلاله انتقلت العلوم العربية إلى الدول الأوربية على مدى قرون، وكان يدرس في هذه الجامعة كل العلوم، وكان يختار لها أعظم الأساتذة، وكان طلاب العلم يفدون إليها من الشرق والغرب على السواء؛ مسلمين كانوا أو غير مسلمين.
وقد احتلت حلقات الدرس والعلم أكثر من نصف المسجد، وكان للشيوخ والمعلمين راتب ثابت ليتفرغوا للدرس والتأليف، وكذلك خصصت أموال للطلاب، ومكافآت ومعونات للمحتاجين؛ وهو الأمر الذي أثرى الحياة العلمية بصورة ملحوظة في ذلك الوقت وفي تلك البيئة.
واستطاعت قرطبة مدينة التعليم المجاني الأولى أن تُخْرِجَ للمسلمين وللعالم جمعا كبيرا من العلماء في جميع مجالات العلوم، وكان منهم: الزهراوي أشهر جَرَّاح مسلم، ومحمد الغافقي أحد مُؤَسِّسِي طبّ العيون، وابن عبد البر الفقيه، وابن رشد القاضي الفيلسوف، والإدريسي عمدة الجغرافيين المسلمين.
Views: 0