ﺍﺳﺘﻘﺮ ﺳﻌﺪﻓﻲ ﻇﻠﻤﺔ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﻭﻫﻮ ﻳﺮﻯ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﺍﻟﻔﺎﻧﻴﺔ ﻫﻴﻼﻥ
ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﻋﻠﻴﻪ ، ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻣﺎ ﺫﺍ ﻓﻌﻠﺖُ ﺑﻬﻢ
ﻃﻢَّ ﺍﻟﺜﺮﻯ ﺟﺴﺪَﻩ ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺪ ﻳﺮﻯ ﺷﻴﺌﺎ ، ﺍﻟﺘﻘﻤﻪ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﻭﻫﻮ
ﻣُﻠﻴﻢ ، ﻓﺴﻌﺪ ﻣُﺤﺎﻁ ﺑﺎﻟﻀﻨﻚ ﻭﺍﻟﻜﺪﺭ ﻭﻻ ﺭﺍﺩَّ ﻟﻤﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﻠﻪ .
ﺛﻢ ﻭﺿﻌﻮﺍ ﻟﺒِﻨﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺛﻘﻠﺖ ﺟﺴﺪﻩ ﻭﺃﺿْﻨﺖ ﻋﻈﻤَﻪ ،ﺛﻢ ﺃﻫﺎﻟﻮﺍ
ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺃﺧﺮﻯ ﻭﺃﺧﺮﻯ ﻓﻠﻢ ﻳُﻄﻖ ﺍﻟﺘﻔﺎﺗﺎ ﻭﺍﺳﺘﺴﻠﻢ ﻟﻤﺎ ﻫﻮ
ﻛﺎﺋﻦ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﻣﺎ ﺇﻥ ﻓﺮﻏﻮﺍ ﻣﻦ ﺗﻮﺳﻴﺪﻩ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺣﺘﻰ ﺿﺮﺑﻮﺍ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﻛﻔﺎ
ﻋﻠﻰ ﻛﻒ ﻳﻨﻔﻀﻮﻥ ﺍﻟﻐﺒﺎﺭ ﻭﺗﻔﺮﻗﻮﺍ ﺷﺬﺭ ﻣﺬﺭ .
ﺑﻘﻲ ﻭﺣﻴﺪﺍ ﻓﺮﻳﺪﺍ ﻋﺎﺭﻳﺎ ، ﻓﺎﺭﻏﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ، ﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﻣﻦ
ﺍﻷﻣﺮ ﻗِﻄْﻤﻴﺮﺍ ، ﻓﻮﻗﻪ ﺗﺮﺍﺏ ، ﻳﻤﻴﻨﻪ ﺗﺮﺍﺏ ، ﻭﻋﻦ ﺷﻤﺎﻟﻪ
ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ، ﻭﺗﺤﺘﻪ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ، ﻓﺮﺍﺷﻪ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﻭﻟِﺤﺎﻓﻪ .
ﻣﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺼﻴﺮ ,ﺃﻳﻦ ﻓﺮﺍﺷﻲ ﺍﻟﻨﺎﻋﻢ , ﺃﻳﻦ ﺍﻟﺪﻳﺒﺎﺝ
ﻭﺍﻟﺤﺮﻳﺮ , ﺃﻳﻦ ﺍﻟﻬﻨﺎﺀ ﻭﺭﻏﺪ ﺍﻟﻌﻴﺶ , ﺃﻳﻦ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﺸﺮﺍﺏ
ﺃﻳﻦ ﻓﻼﻥ ﻭﻓﻼﻧﺔ ، ﻓﻲ ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ ﻟﻲ ﻣﻌﻬﻢ ﺻﻮﻟﺔ ﻭﺟﻮﻟﺔ،
ﻧﻘﻄِّﻊ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻤﺎﺗﻊ ، ﻭﺍﻟﻐﻨﺎﺀ ﺍﻟﻤﺎﺟﻦ ، ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ
ﺍﻟﻤﺆﻧﺲ,
ﻟﻢَ ﺗﺮﻛﻮﻧﻲ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﻭﺍﻟﻔﻘﺮ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ
ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺷﺪﻳﺪ ﺍﻹﻇﻼﻡ ﻻ ﺃﺭﻯ ﺇﻻ ﺳﻮﺍﺩﺍ ﻓﻲ ﺳﻮﺍﺩ
ﺛﻢ ﻳﺠﻴﺌﻪ ﻣﻠﻜﺎﻥ ﻗﺒﻴﺤﺎ ﺍﻟﻤﻨﻈﺮ ﻳﻘﻮﻻﻥ ﻟﻪ ,ﻗﻢ ﻳﺎ ﺳﻌﺪ ..
ﻓﻴﻘﻮﻡ ﺃﻓﺰﻉ ﻗﻴﺎﻡ، ﻭﺟِﻼ ﺧﺎﺋﻔﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻬﻤﺎ , ﻣﻦ ﺃﻧﺘﻤﺎ
ﻓﻴﻘﻮﻻﻥ ﻧﺤﻦ ﻋﻤﻠﻚ ﺍﻟﺴﻲﺀ
ﻓﻴﻘﻮﻝ : ﻣﺎﺫﺍ ﺗﺮﻳﺪﻭﻥ
ﻓﻴﻘﺎﻻﻥ : ﻣﻦ ﺭﺑﻚ
ﻓﻴﻘﻮﻝ ﻭﻗﺪ ﺍﻧﺨﻠﻊ ﻓﺆﺍﺩﻩ : ﻫﺎﻩ ﻫﺎﻩ ﻻ ﺃﺩﺭﻱ
ﻳﺴﺎﺋﻞ ﺳﻌﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺎ ﻟﻲ ﻻ ﺃﺟﻴﺐ ، ﻓﺄﻧﺎ ﺃﻋﻠﻢ ﻣﻦ ﺭﺑﻲ ﻭﻣﻦ
ﺧﻠﻘﻨﻲ ﻭﺭﺯﻗﻨﻲ ، ﻭﻟﻢ ﻳُﺤِﺮْ ﺟﻮﺍﺑﺎ
ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻻﻥ ,ﻣﻦ ﻧﺒﻴﻚ ؟ ﻣﺎ ﺩﻳﻨﻚ
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ : ﻫﺎﻩ ﻻ ﺃﺩﺭي,ﻓﻴﻀﺮﺑﺎﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻪ ﺑﻤِﻄﺮﻗﺔ ﻳﺴﻤﻌﻪ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻨﻪ,ﺇﻻ ﺍﻟﺜﻘﻠﻴﻦ ، ﻭﻟﻮ ﺳﻤﻌﻮﻩ ﻟﺼُﻌﻘﻮﺍ,ﺛﻢ ﻳﺮﻯ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ، ﻭﻳﺮﻯ ﻏُﺮﻓﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ
ﺻﺎﻟﺤﺎ ، ﻓﻴﺰﺩﺍﺩ ﺣﺴﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺮﺓ ﻭﺣﺮﻗﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻗﺔ
ﻭﻳﻤﻮﺕ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺣﻴﻦ ﺃﺳﻔﺎ ﻭﺣﺰﻧﺎ .
ﺛﻢ ﻳﻀﻤﻪ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﺿﻤﺔ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﺃﺿﻼﻋﻪ ﻓﻴﻬﺎ , ﻓﻼ ﻳﺒﻘﻰ ﻋﻈﻢ
ﻋﻠﻰ ﻋﻈﻢ ﺑﻞ ﻫﺸﻴﻤﺎ
ﻭﻳﺘﻤﻨﻰ ﺳﻌﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺗﻘﻮﻡ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﻷﻧﻪ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻴﻪ ﺃﺷﺪ
ﻓﺰﻋﺎ ﻭﺃﻋﻈﻢ ﻋﺬﺍﺑﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﻓﻴﻘﻮﻝ ,ﺭﺏ ﻻ ﺗﻘﻢ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ،
ﺭﺏ ﻻ ﺗﻘﻢ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ .
ﻭﻫﺬﻩ ﻟﻴﻠﺔ ﺳﻌﺪ ﻓﻲ ﻇﻠﻤﺔ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﺍﻟﺒﻬﻴﻢ , ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﺗﻄﻴﺐ
ﻧﻔﺴﻪ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺼﻴﺮ ﻟﻴﺲ ﺑﻘﻠﺒﻪ ، ﻭﻟﻜﻦ ﺣﺎﻟﻪ ﺗﺨﺒﺮﻙ ،
ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻻﻣﺘﺤﺎﻥ ﻳﻜﺮﻡ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺃﻭ ﻳﻬﺎﻥ ..
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﺳﺒﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺭﺣﻤﺘﻚ ، ﻭﻗِﻨﺎ ﻋﺬﺍﺑﻚ ، ﻭﺍﻏﻔﺮ ﺍﻟﺰَّﻟَّﺔ ،
ﻭﺗﺠﺎﻭﺯ ﻋﻦ ﺍﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ، ﻭﺃﺣﺴﻦ ﺍﻟﺨﺎﺗﻤﺔ ، ﻭﺃﺟﺰﻝ ﺍﻟﻤﺜﻮﺑﺔ ﺇﻧﻚ
ﺟﻮﺍﺩ ﻛﺮﻳﻢ ﻭﻧﺤﻦ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﺇﻟﻴﻚ
Views: 1