قضايا _الزنا (( الخيانة_الزوجية ))
من أصعب القضايا من ناحية الاثبات
أقول وأكرر هذا المنشور لتوضيح اللبس و للفائدة وليس لنا رأي فيما يقوله القانون ولم نتناول ما أنزل الله في القرآن الكريم.
لتوضيح الفكرة للقارىء ،و لتجنب حدوث خلط في المفاهيم ، سنعالج موضوع الخيانة الزوجية من خلال : تعريف الخيانة الزوجية ،الشروط القانونية لقيام قضية الخيانة الزوجية ، الطرق القانونية لإثبات قضية الخيانة الزوجية ، العقوبة المقررة لقضية الخيانة الزوجية.
–الخيانة الزوجية
تتمثل الخيانة الزوجية وفقا لقانون العقوبات الجزائري في إرتكاب أحد طرفي العلاقة الزوجية سواءا كان الرجل أو كانت المرأة لفعل الزنا ،فالقانون الجزائري لم يفرق بين المرأة و الرجل في مسألة الخيانة الزوجية ،بحيث أن كل من مارس منهما علاقة جنسية خارج إطار الزواج يعد مرتكبا لجريمة الخيانة الزوجية .
–الشروط القانونية لقيام جريمة الخيانة الزوجية
تتمثل الشروط القانونية اللازمة لقيام جريمة الخيانة الزوجية في 05 شروط :
1 – وجود علاقة زوجية قائمة بين المرأة و الرجل ،إذ أن الرجل الذي تربطه بالمرأة مجرد علاقة غرامية و عاطفية لا يمكنه أن يتهمها بالخيانة الزوجية و نفس الشيء بالنسبة للمرأة، لا يمكنها هي الأخرى إتهام الرجل بالخيانة الزوجية في ظل وجود علاقة عاطفية فقط، كما أنه يجب أن تتم هذه الخيانة أثناء العلاقة الزوجية ليس قبل و ليس بعد ،
فالقانون الجزائري لا يعاقب على الزنا الذي يقع قبل الزواج و لو حملت بسببه المرأة و أنجبت هذا الطفل بعد الزواج ،و لا يعاقب كذلك القانون على الزنا الذي يقع بعد إنتهاء العلاقة الزوجية سواءا بالطلاق أو الوفاة ،و نشير أن القانون الجزائري يعاقب على جريمة الخيانة الزوجية حتى في حالة عدم إنتقال الزوجة إلى بيتها الزوجي ،فجريمة الخيانة الزوجية تقوم بمجرد وجود علاقة زوجية .
و نلفت الإنتباه أن قانون العقوبات الجزائري لم يحدد ما إذا كان يجب أن يكون الزواج ثابت بعقد رسمي أو يكفي أن يكون الزواج عرفي لقيام جريمة الخيانة الزوجية ،و قد وقع جدل على مستوى المحكمة العليا حول هذه المسألة ،فقد صدر عن المحكمة العليا قرار بتاريخ 02 / 12 / 1980 و قرار بتاريخ 09 / 11 / 1982 جاء فيهما أنه لا يعتد بالزواج العرفي لإثبات جريمة الخيانة الزوجية ،فهذه الجريمة يتم إثباتها بعقد الزواج الرسمي أي العقد المسجل لدى مصالح الحالة المدنية ،غير أن المحكمة العليا تراجعت عن هذا الموقف مع مرور الوقت ،فقد صدر عن المحكمة العليا قرار بتاريخ 01 / 06 / 2005 جاء فيه »
لا يعد الزواج العرفي سببا لنفي قيام جريمة الزنا ( ملف رقم 297745 ) » ، أي أنه يمكن قيام جريمة الخيانة الزوجية في ظل وجود زواج عرفي ،إلا أن الزواج العرفي قد يطرح العديد من الإشكالات أمام القاضي الجزائي ،أهمها إشكال إثبات الزوج العرفي ،فقد يتهم مثلا الزوج زوجته المرتبط بها بموجب زواج عرفي بجريمة الخيانة الزوجية ،في حين أن المرأة من جهتها قد تنكر أصلا وجود علاقة زوجية قائمة بينها و بين هذا الرجل،
ففي هذه الحالة يتعين على الطرف الضحية سواءا كانت المرأة أو كانت الرجل إثبات العلاقة الزوجية العرفية قبل إثبات الجريمة ،و يتم ذلك عن طريق تقديم دفوعات أولية أو طلب مهلة زمنية من القاضي الجزائي لكي يتمكن الطرف المتضرر من رفع دعوى قضائية أمام قسم شؤون الأسرة لإثبات الزواج العرفي ، عملا بأحكام المادتين 330 و 331 من قانون الإجراءات الجزائية .
2 – إرتكاب أحد طرفي العلاقة الزوجية لفعل الزنا، فقد أشارت المادة 339 من قانون العقوبات إلى أن جريمة الخيانة الزوجية تقوم بممارسة أحد طرفي العلاقة الزوجية لفعل الزنا ،و لفهم المقصود بـ » فعل الزنا » يتعين علينا الرجوع إلى أحكام الفقه الإسلامي ،بجيث يرى جمهور الفقهاء ان فعل الزنا يتجسد في إيلاج الرجل لعضوه الذكري في فرج المرأة ،
و لا يشترط في الإيلاج ( الإدخال ) أن يكون كليا فيمكن أن يكون جزئيا ،كما يمكن أن يكون الإيلاج بوجود حائل ،فمادام أن الحائل لا يمنع المتعة الجنسية ،و كذلك لا يشترط جمهور الفقهاء تكرار الإيلاج لقيام الفعل الزنا ،و بالتالي يتضح لنا أن الأفعال التي لا يكون فيها إيلاج كالتقبيل و المداعبة و الملامسة و المفاخذة و تبادل الكلام العاطفي و الغزل لا تعتبر زنا طبقا لجمهور الفقهاء و بالنتيجة لا تدخل في إطار الخيانة الزوجية ،و قد أثار ذلك جدلا واسعا ،
فالكثير من الأزواج و الزوجات يتهمون بعضهم البعض بالخيانة الزوجية أمام الجهات القضائية بناءا على هذه الأفعال التي أشرنا لها و التي لا تشكل من الناحية الشرعية فعل الزنا ، فالفعل الذي يشكل خيانة زوجية طبقا للقانون الجزائري هو العلاقة الجنسية الكاملة و الواضحة التي يكون طرفا فيها شخص متزوج سواءا كان رجل أو كانت مرأة .
3 – أن يكون الشريك في جريمة الخيانة الزوجية من الجنس المقابل ،بمعنى أنه لابد أن يمارس الرجل المتزوج علاقة جنسية مع إمرأة، و يجب على المرأة المتزوجة أن تمارس علاقة جنسية مع رجل لكي نكون بصدد جريمة الخيانة الزوجية ،لأن فعل الشذوذ الجنسي المرتكب من طرف شخص متزوج لا يعد = زنا = !!! طبقا للمفهوم الفقهي الإسلامي.
أي أن ممارسة الرجل المتزوج لعلاقة جنسية مع رجل ( اللواط ) أو ممارسة إمرأة متزوجة لعلاقة جنسية مع إمرأة ( السحاق ) لا يعد زنا و بالتالي لا وجود لجريمة الخيانة الزوجية ، هذا ما نستخلصه ايضا من صياغة المادة 339 من قانون العقوبات ،فهذه المادة عند تحدثها عن خيانة المرأة لزوجها إستخدمت عبارة » كل من إرتكب جريمة الزنا مع إمرأة و هو يعلم أنها متزوجة … » و هذه العبارة تشير للمذكر ،و عندما تحدثت هذه المادة عن خيانة الرجل لزوجته إستخدمت مصطلح » شريكته » و هو مصطلح يدل على المؤنث .
4 – أن لا يكون إرتكاب فعل الزنا قد وقع تحت الإكراه ،فمثلا تعرض الزوجة للإغتصاب لا يعد خيانة زوجية لأن العلاقة الجنسية في هذه الحالة لم تتم بمحض إرادتها ،أو ممارسة الزوج لعلاقة جنسية تحت تأثير التخدير لا يعد أيضا خيانة زوجية ،فالنية الإجرامية في هذه الحالة منعدمة في هذه الحالة .
5 – ضرورة تقديم شكوى ،بحيث أن هناك بعض الجرائم لا يجوز فيها لا للنيابة العامة و لا لمصالح الشرطة القضائية إتخاذ أي إجراء بشأنها إلا بناءا على شكوى ،و من بين هذه الجرائم نجد جريمة الخيانة الزوجية وفقا للمادة 339 من قانون العقوبات ،ففي هذه الحالة الجريمة لا تقوم إلا منذ تقديم شكوى من قبل الطرف المتضرر ،فالمشرع أراد من ذلك الحفاظ على الروابط الأسرية و الحفاظ على الخصوصية الموجودة بين الزوجين ،و ربما ايضا تجنب فضح أعراض الناس .
–الطرق القانونية لإثبات جريمة الخيانة الزوجية
طبقا للمادة 341 من قانون العقوبات هناك 03 طرق لإثبات جريمة الخيانة الزوجية ،و تتثمل هذه الطرق فيما يلي :
1 – ضبط الفاعل و هو في حالة تلبس ،وفقا للمادة 341 من قانون العقوبات يمكن إثبات جريمة الخيانة الزوجية عن طريق إلقاء القبض على الطرف المتزوج سواءا كانت المرأة أو كان الرجل و هو بصدد ممارسة علاقة الجنسية مع شخص آخر ،وتسمى هذه الحالة في المجال القانوني بحالة » التلبس »
،و يتم إثبات حالة التلبس من طرف ضابط الشرطة القضائية ،و يقوم ضابط الشرطة القضائية بتحرير محضر حول واقعة الخيانة الزوجية المعاينة من طرفه ،و نشير أنه قد وقعت حالات واقعية تم الإستعانة فيها بمصالح الشرطة القضائية من أجل إثبات جريمة الخيانة الزوحية ،فهناك أزواج راودتهم شكوك حول تصرفات ازواجهم ،و بمجرد إكتشافهم لحالة الخيانة الزوجية يقومون بإخطار مصالح الأمن من أجل نصب كمين و القبض عليهما في حالة تلبس .
2 – إقرار وارد في رسائل و مستندات صادرة عن الفاعل ،بحيث أن إعتراف الزوج أو الزوجة بممارسة علاقة جنسية خارج إطار الزواج في رسائل و مستندات صادرة عنه يعد دليل يثبت من خلاله إرتكاب جريمة الخيانة الزوجية ،مع العلم أنه بجب أن تحتوي هذه الرسائل و المستدات عبارات و كلمات واضحة يعترف من خلالها الفاعل بإرتكابه لجريمة الخيانة الزوجية و لا تهم طبيعة هذه الرسائل فقد تكون رسائل مكتوبة باليد أو مكتوبة بألة رقمية و موقعة من طرف الفاعل أو رسائل إلكتورنية ،
و لكن بشرط أن تكون هذه الرسائل و المستندات صادرة حقا عن الفاعل ،فقد ينكر الطرف في العلاقة الزوجية صدور هذه الرسائل أو المستندات عنه ،و هي حالات واقعية فقد يقوم شخص مجهول أو معلوم بإصطناع رسائل و مستندات وهمية و ينسبها لشخص متزوج ،و هذا النوع من الحالات منتشرة و بالأخص في المجال الإلكتورني ( البريد الإلكتروني ،فايسبوك )
3 – الإقرار القضائي ،و هو إعتراف الطرف في العلاقة الزوجية بإرتكابه جريمة الخيانة الزوجية أمام جهة قضائية ،و نلفت الإنتاه أن الإعتراف أمام الضبطية القاضية لا يعتبر دليل لإثبات الخيانة الزوجية ،و حسب إعتقادنا حتى الإعتراف أمام السيد وكيل الجمهورية لا يعد دليل لإثبات جريمة الخيانة الزوجية ،فالإعتراف أمام قاضي الحكم هو الإعتراف الوحيد الذي يثبت جريمة الخيانة الزوجية حسب إعتقادنا .
و نضيف أن المادة 341 من قانون العقوبات قد حددت طرق إثبات جريمة الخيانة الزوجية على سبيل الحصر ،إذ أنه لا يمكن اللجوء إلى طرق أخرى لإثبات جريمة الخيانة الزوجية ،فلا يمكن مثلا إستعمال شهادة الشهود أو إستعمال صور فوتوغرافية أو أشرطة فيديو لإثبات جريمة الخيانة الزوجية ،و هو بالنسبة إلينا أمر غير منطقي ،بحيث لابد من منح الطرف الضحية و المخدوع في العلاقة الزوجية حرية أوسع في إثبات الجريمة و بالأخص عن طريق الوسائل التكنولوجية كإستعمال مختلف تقنيات التصوير .
و نشير كذلك أن القاضي له سلطة تقديرية واسعة لقبول أو رفض الأدلة المقدمة له و التي من شأنها أن تثبت وقوع الخيانة الزوجية ،فالقاضي يمكنه رفض الإقرار الذي يقدمه الشخص المتزوج ،لوجود مثلا ملابسات غامضة حول هذا الإقرار .
–العقوبة المقررة لجريمة الخيانة الزوجية
تعاقب المادة 339 من قانون العقوبات على إرتكاب جريمة الخيانة الزوجية بعقوبة الحبس التي تترواح ما بين سنة و سنتين ،و تطبق نفس العقوبة على الشريك في الجريمة أي الشخص الذي يمارس علاقة جنسية مع الزوج أو الزوجة ، فالقانون الجزائري لم يفرق بين الرجل و المرأة فيما يخص العقوبة ،كما أن جريمة الخيانة الزوجية عبارة جنحة من إختصاص قسم الجنح على مستوى المحكمة الإبتدائية ،و نلاحظ كذلك أن المادة 339 من قانون العقوبات لم تقرر غرامة مالية على إرتكاب هذه الجنحة على عكس الكثير من الجرائم الأخرى .
و تجدر الإشارة في الأخير أن صفح الضحية يضع حد للمتابعة القضائية وفقا للمادة 339 من قانون العقوبات ،أي أن الطرف الضحية و المخدوع في العلاقة الزوجية يمكنه أن يقرر مسامحة الطرف الآخر ،ففي هذه الحالة تتوقف المتابعة القضائية ،و لكن نشير أن الصفح يجب أن يكون قبل أن يصبح الحكم القضائي نهائي ،ونشير أيضا أن الشريك في جريمة الخيانة الزوجية يستفيد هو الآخر من صفح الضحية.
Views: 9