< >
القائمة إغلاق

مهنا بن ناصر الزعابي، بطل الأحواز، شخصيات تاريخية

بطل الأحواز مهنا بن ناصر الزعابي

حرر عربستان وسيطر على الخليج العربي وانتصر على إيران وبريطانيا وهولندا فغدر به العثمانيين بعد أن سافر إليهم ليعقد معهم تحالف

نشأته

هو الأمير مهنا بن ناصر الزعابي الشهير بإسم المير مهنا ويكنى بأبو محمد، ولد في عام 1735م في جنوب الأحواز تحديدا في مدينة بندر ريق عاصمة إمارة بندر ريق وهي إمارة عربية كانت تحكمها قبيلة الزعاب المنحدرة من قبيلة بنو سليم العربية، وكانت انذاك تحت حكم الأمير ناصر الزعابي والد البطل مهنا بن ناصر الزعابي.

ومن صغره كان يكره غير العرب وذلك لأنه أثناء مرحلة البلوغ ذهب مع خاله الشيخ كايد بن حيدر إلى بندر الديلم حيث تعرف على بعض فتيان الديلم وكانوا من قبيلة الخليفات وقد كانوا يعتزون بعروبتهم ويرفضون الإنتماء الفارسي.

تولي الحكم

تولى الحكم في عام 1754م بعد وفاة والده الأمير ناصر الزعابي، وبدأ عهده بالسعي لتحويل إمارة بنظر ريق من إمارة صغيرة تشمل فقط مدينة بندر الرق ومدينة جناوة وجزيرة خرك وجزيرة خركو والبحرين إلى دولة كبيرة تحكم الخليج العربي وتطرد الغرباء منه سواء الهولنديين أو البريطانيين،  وبعد تحقيق إستقلال كامل من حكم شاه بلاد فارس.

الإستقلال عن بلاد فارس

منذ ان تولى الأمير مهنا الزعابي الحكم رفض تقديم الولاء لشاه إيران كريم الزندي، وكذلك اتخذ سياسة خارجية معادية للأوروبيين وهي سياسة مخالفة للسياسة الإيرانية، وهذا ما جعل ملك إيران كريم الزندي يدبر مؤامرة لخطف الأمير مهنا في اثناء احدى جولاته في الخليح العربي، ولم يكن الأمير مهنا قد رتب لهذا الأمر نتيجة أن شاه ايران لم يتخذ أي إجراء ضده خلال العامين السابقين ولإعتقاده بأن شاه ايران منشغل بالفتن الكثيرة في بلاده، فتم اسر الامير مهنا في عام 1756م، ثم ارسل الى عاصمة ايران آنذاك مدينة شيراز وسجن بها.

واصدر ملك ايران كريم الزندي أمراً بخلع الأمير مهنا وتعيين أخيه حسين الزعابي أميراً على إمارة بندر ريق، ولكن لم يطل سجن الأمير مهنا حيث توسط زوج أخته أمير إمارة طنجستان العربية، فتم الإفراج عن الأمير مهنا مقابل أن يتم سجنه في إمارة طنجستان ولكن أمير طنجستان أفرج عن الأمير مهنا سريعاً ونجح الأمير مهنا في أخذ الحكم من أخيه حسين وأعلن إستقلال في عام 1756م إمارة بندر ريق عن إيران وأزال كافة الأعلام والمراسيم التي تربط بلاده ببلاد فارس.

طرد بريطانيا من الخليح العربي

بعد تحقيق إستقلال إمارة بندر ريق أعلن الأمير مهنا أنه صاحب السيادة على الخليج العربي، ونشر سفنه فيها في كل اتجاه، وكانت بريطانيا تتستر بغطاء تجاري لاستعمار البلاد، بوضع قواعد عسكرية على أنها تجارية، ثم التحكم بالاقتصاد ثم شراء الحكام والمسؤولين، وكان الأمير مهنا الزعابي يدرك المطامع البريطانية، فقرر في نفس عام الإستقلال 1756م طرد البريطانيين من الخليج العربي وطرد المستر وود أعلى مسؤول بريطاني في مناطق الخليج العربي.

وأما قمة الوقاحة والبجاحة فتتمثل في الإعلان البريطاني بأن الأمير مهنا هو زعيم القراصنة، رغم أن الأمير مهنا هو ابن الخليج العربي والبريطانيين هم الغرباء الذين قطعوا عشرات الآلاف من الكيلومترات للوصول للخليج العربي، واكن عندهم هم أصحاب الحق والأمير مهنا هو الغريب القرصان.

إنتصاره على إيران وتوسيع الحدود داخلها

سيطر الأمير مهنا على مناطق شاسعة من جنوب إيران، ووصل إلى جنوب العاصمة الإيرانية شيراز، واصبحت المناطق الممتدة من جنوب شيراز شرقا إلى بوشهر غربا إلى بندر ريق جنوباً تحت حكمه، فحاربه ملك إيران كريم الزندي وفشل، ثم قام كريم الزندي في عام 1764م بإرسال رسالة إلى الأمير مهنا يقره على مناطق حكمه مقابل أن يعلن الأمير مهنا تبعيته لملك إيران ويرسل لملك إيران الجزية، فرفض الأمير مهنا باستخفاف، وأمر بحلق لحية الرسول الذي أرسل إليه، ولذا أعلن ملك إيران الحرب ضده. 

وأرسل جيشه براً وبحراً ضد إمارة بندر ريق بقيادة الأمير كهنة خان. وبقيت هذه القوات مرابطة في خرموج من فبراير إلى مايو سنة 1765م، وقد سعى ملك إيران لطلب الدعم من الشيوخ العرب، وأن يرسلوا قوات لدعمه ضد الأمير مهنا، فرفضوا جميعا حتى أمير بنو كعب المقرب من الملك رفض مساعدته، والشيخ العربي الوحيد الذي دعم ملك إيران هو أمير بوشهر بسبب أن الأمير مهنا سيطر على مناطق حكمه.

وقد هزمت الحملة البحرية سريعا والتي كانت ضعيفة أمام سفن الأمير مهنا، وبعد انتصار الأمير مهنا من الناحية البحرية

كانت المفاجأة عندما دعمت مناطق عربستان -الأحواز- الأمير مهنا ضد ملك إيران، وأعلنوا أنهم يثقون بالأمير مهنا الذي أزال عنهم الجزية، ولا يثقون بملك إيران، وبهذا حقق الأمير مهنا إنتصاراً ساحقا على الحملة الإيرانية.

إتحاد بريطانيا وإيران ضد الأمير مهنا

بعد إنتصار الأمير مهنا على إيران، اتفقت إيران وبريطانيا على التحالف ضده وشن حملة عسكرية كبيرة ضده، بأن تهاجم إيران من البر وبريطانيا من البحر، وجمع ملك إيران جيشا ضخما من مختلف الممالك الإيرانية الموالية له، وشنوا في شهر يوليو 1765م هجوما متزامناً باتجاه العاصمة بندر ريق، وعندما علم الأمير مهنا حجم القوات الغازية برا وبحرا قرر إخلاء عاصمته سريعاً، فتم إخلاء العاصمة وسيطر البريطانيين والإيرانيين على مدينة بندر ريق ولكن لم يخسر الأمير مهنا قواته، فعاد الأمير مهنا وشن هجوما بعد شهر نجح فيها في دحر الغزاة وإسترداد مدينة بندر ريق، ولكن البريطانيين قاموا بمحاولة إغتياله بقصف سفن عائلته، فاستشهد في هذا الهجوم اختين للأمير مهنا الزعابي، وادعوا لاحقاً أن الأمير مهنا هو الذي قام بقتلهن في إطار حملة تشويهية ضده، ورغم أن الأمير مهنا استرد عاصمته بنظر ريق ولكنه قرر نقل عاصمة دولته إلى مدينة خارجو في داخل جزيرة خرج، وعاد وسيطر على المناطق البرية داخل إيران، وأعاد الأحواز تحت حكمه، وانتقم من الشيخ ناصر شيخ بوشهر وسيطر على بوشهر بسبب مساندته لملك إيران، وبهذا فشلت الحملة الإيرانية البريطانية فشلا ذريعاً

إنتصاره على هولندا

في شهر أيلول 1765م أصدر الأمير مهنا قراراً بمنع الهولنديين من دخول الخليج العربي، وأصدر أمراً للهولنديين بإخلاء قلعتهم في جزيرة خرج، وفي أكتوبر 1765م أرسل أعلى مسؤول هولندي في الخليج العربي مانهير فان هوتنج رسالة إلى بلاده يؤكد فيها رفضه للإذعان لأوامر من شخص همجي، فأتته مساندة ليشن حملة هي أقرب لأعمال القراصنة بأن هاجموا جزيرة خرج وتلقى دعماً من شيخ بوشهر الهارب، فنجحوا في إحراق سفن للأمير مهنا، ولم يسببوا ضرراً اكثر من ذلك.

ثم شنوا حملة هبطوا فيها على أرض جزيرة خرج، ووصلوا لمساكن أطراف الجزيرة، فقاد الأمير مهنا هجوما بنفسه بسلاح الفرسان الذي ما تخيل الهولنديين وجوده في الجزيرة، فتم قتل 70 هولندياً و200 من رجال شيخ بوشهر، فتحصن الهولنديين في قلعتهم وليستعدوا للدفاع عن القلعة قاموا بتوزيع بطاريات مدافع جديدة، وتابع الأمير مهنا هجومه ضدهم، وكانت عملية نقل الجنود الأمير مهنا من خارجو عبر المضيق الفاصل على درجة عالية من الترتيب، بحيث أن المراكب الهولندية الكبرى لم يكن بالمستطاع استعمالها لمنع العملية. 

وفي النهاية وجد الهولنديون أنفسهم محاصرين في جزيرة خرج من قبل جيش بقيادة الأمير مهنا، وفي حوالي منتصف ليلة 31 ديسمبر سنة 1765م نجح العرب في تسلق أسوار قلعة الهولنديين والاستيلاء على أحد الأبراج، فأعلن الهولنديون إستسلامهم بشرط الأمان، وقام الأمير بالسماح لهم بالخروج بأمان باستثناء القائد العسكري الهولندي مانهير فان هوتنج والذي قام الأمير مهنا بسجنه.

الفترة الذهبية

بعد إنتصاره على إيران وبريطانيا وهولندا، وخلال الأربع سنوات بين عامي 1765م و1769م عاش الأمير مهنا أفضل سنوات حكمه، حيث كان حاكم الخليج العربي وما حولها بدون أي منازع، وتلقى اعترافات دولية تعترف بدولته وبسيادته، وعقد اتفاقية تحالف وصداقة مع الدولة العثمانية في إشارة واضحة لمكانته.

ومع ذلك وجد أن هذا الأمر لا يكفي حيث نجح في إكتشاف مؤامرة للإنقلاب ضده يقودها القائد درباس مدعوماً من بريطانيا، فقام بالقبض على درباس وإفشال مؤامرته، وأمام هذا الأمر قرر أن يشن هجوماً على القوات البريطانية في خارج الخليج العربي الذي تحت حكمه، وكانت علاقة الأمير مهنا مع حاكم البصرة العثماني ممتازة وبينهم زيارات متبادلة، فقرر في عام 1769م السفر إلى البصرة للتباحث في إنشاء حملة عسكرية مشتركة ضد بريطانيا، وهنا أؤكد أنه سافر وهو صاحب الحكم والسيادة ولا صحة للمعلومات التي تقول بأنه أتى للبصرة هاربا من دولته، فكل الوثائق تؤكد أنه نجح في إفشال المؤامرة البريطانية

مقتله

في زيارته عام 1769م حصلت مفاجأة عندما قام والي البصرة سليمان آغا بالغدر بالأمير مهنا الزعابي، وقبض عليه وقام بإعدامه في تاريخ 1769/03/24م، بعد أن قامت بريطانيا برشوة والي بغداد العثماني عمر باشا والذي أرسل إلى والي البصرة أمراً بالغدر وإعدام الأمير مهنا، وهنالك وثائق أخرى تؤكد أن الأمر أتى من الصدر الأعظم العثماني ياغلي أمين زادة، وبعد إعدامه تم قطع رأسه وطيف به في شوارع البصرة، في حدث تاريخي غريب ليس له تفسير، حيث أن الأمير مهنا كل حروبه كانت ضد إيران وبريطانيا وهولندا وليس ضد العثمانيين، فلا يوجد تفسير لهذا الفعل الخسيس الدنيء، وخاصة أن الأمير مهنا اعتبر العثمانيين إخوة في الدين والأقرب له من الايرانيين والأوروبيين، وكان سابقاً قد منع جميع العجم من الإبحار في الخليج العربي باستثناء العثمانيين.

بعد مقتله

بعد مقتل الأمير مهنا الزعابي إنفرط عقد دولته، حيث أعلن كل شيخ عربي إنفصاله، وعاد البريطانيون إلى الخليج العربي.

Views: 13

هل اعجبتك المقالة شاركنا رأيك