كي تعرفَ خُطورةَ الشِّعر، تذكَّر أنّ بيتاً في قصيدةٍ مَلحميّة كانَ سبباً في إبادة جيش الإمبراطوريّة البرتغاليّة (عام 1578م) والقوّات المتجحفلة معه عن بكرة أبيها وقتل إمبراطورها وسقوطها واحتلال البرتغال من الإسبان لما يزيد على تسعين سنة..
كان ذلك يوم صدّق الإمبراطور سباستيان الأوّل شاعرَه العظيم لويس دي كاموس (ت 1580م) في ملحمته الرائعة (حقّاً) المسمّاة “لوسيادس” التي خلّد فيها رِحلات رحّالة البرتغال الأشهر فاسكو دا كاما (ت 1524م)، والتي حثّه فيها على “تدمير أسوار المغرب الأقصى” حتّى لا يعود منطلَقاً لأندلس جديد.
ولأنّ الإمبراطور الشاب كان مُتعصّباً دينيّاً؛ صدّق ما جاء في القصيدة وجهّز لحملة صليبيّة بقيادته ومَدد مُلوك أوربّا وبابا الفاتيكان وقتها، فجمع أزيد من 28,000 مقاتل، وأخذ معه كلّ عائلته الإمبراطوريّة..
وفي “وادي المخازن” واجه الشريف أبا مروان عبد الملك السعديّ الحسنيّ، سُلطان السعديين بالقصر الكبير، الذي استُشهد في المعركة، لكنّ حنكته العسكريّة أبادت جيش الصليبيين وإمبراطورهم وكلّ أمرائهم، ولم يعد من تلك الآلاف المؤلّفة سوى مائة مقاتل فقط!!!
قُتل في المعركة ثلاثة ملوك، لذا سُمّيت بـ”معركة الملوك الثلاثة” أو “وادي المخازن”، فتأمّلوا خطورة الشعر وما له من أثر سياسيّ هائل في تاريخ الأمم، ورحم الله شاعرنا يوم قال:
فالشعر أجَّجَ ألفَ نارٍ، وانبرَى * يلوي أنوفَ الظّالمين ويجدعُ
Views: 2