يحكى أنه في السنة التاسعة عشر للهجرة بعث الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه جيشًا لمحاربة الروم لفتح بلاد الشام وأثناء الحرب وقع أسرى من المسلمين في يد الروم وكان من بينهم عبد الله بن حذافة كان لدى قيصر ملك الروم علمٌ بما يتحلى به المسلمين من استرخاص النفس في سبيل الله فأمر جنوده بجلب الأسرى عنده إذ أراد أن يختبرهم وكان من ضمنهم أبو حذافة فنظر إليه طويلاً ثم عرض عليه أمرين إما الموت وإما أن يتنصر ويُخلى عن سبيله فاختار أبو حذافة الموت على أن يغير دينه فغضب الملك وأمر جنوده بصلب عبد الله ورميه بالرماح لإخافته وليرجع عن دينه إلا أن أبي حذافة بثباته وإصراره أمر جنوده يتركوه وأمرهم بجلب قدر عظيم صُبَّ فيه الزيت ورُفع على النار حتى غلي ثم دعا بأسيرين من أسرى المسلمين وأمر بأحدهما أن يُلقى فيها فأُلقي فإذا لحمه يتفتت وعظامه تطفو على السطح ثم التفت قيصر إلى أبي حذافة وعرض عليه النصرانية مرة أخرة إلا أنه رفض فأمر قيصر جنوده أن يُلقوه في القدر.
وقف عبد الله ينظر إلى القدر وعيناه تدمعان وعندما رآه قيصر على هذه الحال صرخ بجنوده أن يأتوه به لعله يكون قد جزع وخاف من الموت. إلا أن أبو حذافة
قال: واللهِ ما أبكاني إلا أني كنت أشتهي أن يكون لي بعدد ما في جسدي من شعرٍ أنفُسٌ فتُلقى كلُّها في هذه القدر في سبيل الله .
فعجب قيصر من شجاعته
وقال: أتقبِّل رأسي وأُخلِّي سبيلك؟
فرد عليه: عنّي وعن جميع الأسرى؟ (ويقال أنه بصق على رأس قيصر الروم دون علمه )
فوافق ثم دنا أبو حذافة منه وقبَّل رأسه فأمر قيصر بإخلاء سبيل جميع أسرى المسلمين وعندما عاد أبو حذافة مع الأسرى إلى المدينة المنورة سُرَّ الخليفة عمر بن الخطاب بلقائهم وعند علمه بالقصة
قال: حقٌ على كل مُسلم أن يُقبِّل رأس عبد الله بن حذافة وأنا أبدأ .
.
وعبد الله بن حذافة هو صحابي جليل من المهاجرين أسلم قديماً و هاجر إلى الحبشة و أرسله النبي صلى الله عليه و سلّم بكتابه إلى كسرى عندما أرسل الكتب إلى ملوك الدول حوله ليدعوهم إلى الإسلام وشهد فتح مصر و توفي بها في أيام عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه سنة 33 هـ .
.
Views: 128