كانت الدولتان الفارسية والرومانية في هذه الفترة فرسي رهان يتسابقان على زعامة العالم، وفي إطار هذا التنافس حدثت سلسلة من الحروب الدامية بينهما، وقد راح ضحية هذه الحروب الآلاف من أبناء الدولتين من دون جريرة؛ فقد كان الجنود عبيدًا ليس أمامهم إلا الانصياع لأوامر ورغبات الحاكم الجامحة الطامعة، ولم تكن هناك أي رسالة للحاكم أو الجيش اللهمَّ توسيع مساحة الأرض المملوكة!
ولعلَّ من أشهر الحروب والمعارك التي خاضتها الدولتان في هذه الفترة المعارك التالية:
معركة دارا..التي وقعت في عام 530م، التي كانت قبل مولد الرسول صلى الله عليه وسلم بأربعين عامًا تقريبًا، وفيها تقابلت الجيوش الفارسية والجيوش البيزنطية في شمال سوريا، وبعد قتال مرير استطاع البيزنطيون هزيمة الفرس، وكسب هذه الجولة من الجولات الحربية الدامية التي كانت مشتعلة بين الدولتين,
معركة مالاطيا..التي وقعت في عام 574م بعد مولد الرسول صلى الله عليه وسلم بثلاثة أعوام، وتعتبر هذه المعركة من أكبر معارك القرن السادس الميلادي، وفيها اصطدمت جيوش الفرس بقيادة أنوشروان مع الجموع الكبيرة التي حشدها البيزنطيون ليدافعوا عن بيزنطة، وفي هذه المعركة أيضًا انهزم الفرس، وفرَّ أنوشروان من المعركة .
معركة أركسامو..التي وقعت في عام 605م في منطقة تقع بين أورفه والنزيب شمال سوريا، والتي التقت فيها جيوش الفرس بقيادة كسرى الثاني بارويز بالجيش البيزنطي، فقد استطاع الفرس أن يُلحِقوا بالروم هزيمة كبيرة، ولكنها لم تكن حاسمة .
فهذه أمثلة لبعض الحروب التي وقعت بين الفرس والروم بحثًا عن الزعامة والاستئثار بثروات العالم.
والملاحظ في كل هذه الحروب أنه لم يكن هناك اهتمام بالمرَّة براحة أو أمان الجنود؛ بل اعتاد الفرس أن يربطوا جنودهم في المعارك بالسلاسل، ليمنعوهم من الفرار! وقد شاهد المسلمون ذلك بأعينهم في أكثر من موقعة مع الفرس، لعلَّ من أشهرها موقعة الأبلة التي كان المسلمون فيها تحت قيادة البطل الإسلامي الفذِّ خالد بن الوليد رضي الله عنه، وفيها انتصر المسلمون، وعُرِفت الموقعة باسم “ذات السلاسل لأن الفرس كانوا يربطون كل عشرة من الجنود في سلسلة؛ لكي لا يفروا!
Views: 9