إن كل شيء يحدث أولا في التفكير ,, وقوة التفكير لها تأثير على أحاسيسك وسلوكك ونتائجك وبالتالي لها تأثير على واقع حياتك.. وكيف يمكنك أن تحول التفكير السلبي إلى إيجابي وتحقق أهدافك وكيف تصل إلى السلام الداخلي والهدوء النفسي…كل ذلك ستتعلمه من خلال هذا الموضوع….
“قوة التفكير”
حيث أن الإنسان يستقبل أكثر من 60000 فكرة يوميا, كل ماتحتاجه هذه الكمية الهائلة من الأفكار هو اتجاه سلبي أو إيجابي.
الفكر له برمجة راسخة:
مع أن الفكر قد يكون بسيطا ولا يأخذ من الوقت أكثر من لحظات إلا أن له برمجة راسخة مكتسبة من سبعة مصادر مختلفة جعلت منه قوة راسخة ومرجعا للعقل يستخدمه الإنسان داخليا وخارجيا وهذه المصادر السبعة هي:
1/الوالدان:
أول برمجة اكتسبناها في حياتنا كانت من الأب والأم فلقد تعلمنا من الوالدين الكلمات ومعناها وتعبيرات الوجه ومعنى الأحاسيس والسلوكيات والقيم والاعتقادات الدينية والمبادىء والمثل العليا وهي أول برمجة لنا في هذا العالم.
2/المحيط العائلي:
بعد الوالدين هناك عالم آخر هو المحيط العائلي(الأخوة والأخوات والعم والخال…….) وهنا يربط العقل المعلومات التي يتلقاها من المحيط العائلي بما تبرمج به من قبل وبذلك أصبحت البرمجة أقوى من ذي قبل.
3/المحيط الإجتماعي:
سواء كان ذلك من الجيران أو الأتوبيس وما يقوله الناس في المحيط الإجتماعي الذي نعيش فيه ويستمر العقل في ربط المعلومات التي يتلقاها إلى أساس البرمجة المخزنة في العقل اللاواعي وبذلك تزداد البرمجة قوة.
4/المدرسة:
السلوكيات التي نكتسبها من المدرسة سواء كانت سلبية أو إيجابية ونضيفها على برمجتنا السابقة فأصبحت راسخة بقوة في العقل الباطن.
5/الأصدقاء:
هذا المصدر يعتبر من أخطر مصادر برمجتنا بعد الوالدين فمن الممكن أن نتعلم سلوكيات سلبية من شتى الأنواع ثم أثر ذلك على برمجتنا الأساسية.
6/وسائل الإعلام:
أن أكثر من 60% من حالات الاكتئاب يرجع السبب فيها إلى وسائل الإعلام التي تركز على السلبيات والصعوبات والحروب والجنس وضياع القيم, وهذا المؤثر الخطير يضيفه الناس على برمجتهم فتصبح أقوى وأعمق من ذي قبل.
7/المصدر السابع لبرمجتنا الذاتية هو أنفسنا:
كما تلاحظ الفكرة قد تكون بسيطة وقد تبدو ضعيفة ولكنها في الحقيقة أعمق وأقوى مما تتخيل, والفكرة هي بداية الأحلام والأهداف وهي معنى الأشياء وكيفية ربط السعادة والألم في حياتنا , والفكرة قد تكون السبب في الأمراض النفسية والعضوية ,, وفكرة سعادة تسبب الإحساس بالسعادة , وفكرة ألم تسبب الإحساس بالألم وفكرة شجاعة تسبب الشجاعة,, “بالفكرة يستطيع الإنسان أن يجعل عالمه من الورود أو من الشوك”.
فالفكرة ليس لها حدود ولا تتأثر بالوقت ولا المسافات ولا الأماكن…”أجداد كل سلوكياتنا هي الفكرة وبها نتقدم وبها نتأخر وبها نسعد وبها نشقى”
الفكر يصنع ملفات الذاكرة في العقل:
عندما يولد الطفل فهو يأتي للدنيا نقيا تماما وكل ملفات عقله روحانية ونقية وعندما يمر الوقت ويكبر الطفل ويتكون عنده إدراك بسيط يبدأ العقل في فتح ملفات ذهنية لهذا المعنى ,, وكلما أدرك الطفل معنى آخر للغة يتكون عنده ملف خاص بهذا المعنى. وكل ملف خاص بإدراك ومعنى محدد,, فكلما قابل الطفل تجربة من نفس المعنى يخزنها العقل في نفس الملف الخاص بها.
وكلما واجه الإنسان في رحلة حياته تجربة من التجارب فإن المخ يتعرف عليها من الملفات الموجودة به فيخزن المعلومة الجديدة في نفس المكان..
فإذا أراد الشخص التخلص من أي مشكلة وبدأ فعلا في العلاج واستطاع التخلص منها فهنا تأتي المفاجأة أنه تخلص من الملف بأكمله..
ولكي يحدث أي تغيير متكامل يريده الإنسان يجب أن يبدأ من الداخل وذلك بتغيير الملف الخاص به وهنا نجد الله عزوجل يقول في كتابه العزيز:”إن الله لا يغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم”
فالتغيير لكي يكون متكاملا يجب أن يبدأ الإنسان من الداخل , فمهما كانت المساعدات الخارجية قوية وفعالة لن تساعدك إلا إذا ساعدت أنت نفسك وذلك بالرجوع إلى الله سبحانه وتعالى, ثم بتغيير معنى الإدراك الموجود في الملفات الداخلية, وهنا يكون التغيير شاملا فعندما تغير إدراكك تغير معنى الأشياء بالنسة لك وتغير الملفات الداخلية وتغير حياتك بإذن الله كما تريدها أن تكون..
الفكر يصنع الاستراتيجيات العقلية:
الإستراتيجية العقلية هي مجموعة من الأفكار المتتالية والمحددة يربطها الإنسان بزمان أو مكان ويدعمها باعتقاد وتوقع حتى تصبح حقيقة وواقعا ينتظره في نفس الزمان والمكان..
مثل قولهم: عندما أركز على أي شيء أشعر بصداع شديد, فمعظم الناس للأسف لا يعرفون أنهم باستخدامهم لهذه الكلمات والأساليب يكونون استراتيجيات عقلية سلبية بدون أن يشعروا وتتخزن بعمق في العقل الباطن وتسبب لهم الشعور والأحاسيس السلبية..
الفكر يؤثر على الذهن:
العقل البشري يعمل بالإتجاهات (السلبية-الإيجابية) بمعنى أن أي فكرة تفكر فيها يأخدها العقل ويسير في اتجاهها ويبحث في مخازن الذاكرة عن كل الملفات التي تساعدك وتدعمك في هذا الإتجاه ويجعلك تنجح فيه سواء كان ذلك إيجابيا أو سلبيا.
ومن المهم أن تعرف أن أي شيء تدركه وتفكر فيه يجعل الذهن منتبها لهذه المعلومة في الحال, فيقوم بفعل الآتي:
1/الانتباه للمعلومة والفكرة والتعرف عليها.
2/فتح الملف الخاص بهذه الفكرة من ملفات مخازن الذاكرة.
3/تحليل هذه الفكرة ومقارنتها بأفكار أخرى مشابهة لها وموجودة في مخازن وملفات الذاكرة.
4/ البحث في كل ملفات ذاكرتك عن المعلومات التي تدعمك وتقوي رأيك.
5/إلغاء أي معلومات أخرى لاتمت للفكرة بصلة لكي يساعدك على التركيز على هذه الفكرة فقط, وذلك لأن العقل البشري لا يستطيع التفكير إلا في فكرة واحدة في وقت معين.
الفكر يؤثر على الجسد:
” العقل والجسد يؤثر كل منهما على الآخر” فما تفكر فيه وتقوله لنفسك يأخذه المخ ويفتح الملف الخاص به بما في ذلك تحركات الجسم وتعبيرات الوجه الخاصة بهذا الملف فيشعر الإنسان بجسده يتأثر بسبب الفكرة..
فهناك بحث يقول أنه في المستشفى الرئيسي بسان فرانسيسكو يعالجون المرضى بالضحك والأخبار الإيجابية وكانت نتيجة هذه الطريقة من العلاج هو ارتفاع نسبة الشفاء بدرجة تتعدى 35% فعندما يفكر المريض أفكارا إيجابية ويبتسم ويتفاءل ويضحك ترتفع نسبة الأندروفين في جسمه مما يساعده على الشفاء, وهنا أيضا إثبات أن العقل والجسد يؤثر كل منهما على الآخر.
والآن دعنا نجرب شيئا سويا … فكر في شخص تحبه ولم تره منذ فترة طويلة وتخيل أنه أمامك الآن ولاحظ تعبيرات وجهك وتحركات جسمك ,,الآن فكر في شخص لا تحبه وتخيل أنه أمامك الآن ولاحظ تعبيرات وجهك وتحركات جسمك… هل لاحظت الفرق في الحالتين؟؟
ومن المهم أن تعرف أن العقل عنده القدرة بإذن الله على علاج الجسم ومساعدته على التخلص من الآلام ,,لذلك من اليوم قرر ماذا تفكر لأن ذلك سيؤثر على جسمك وطاقتك ومدى نشاطك أو عدمه وأيضا لاحظ وضع جسمك لأنه سيؤثر على ذهنك سواء كان ذلك سلبيا أو إيجابيا..
الفكر يؤثر على الأحاسيس:
إن الأحاسيس هي وقود الإنسان وهي رد الفعل الطبيعي لما يحدث بداخلنا من أفكار وملفات ذهنية,ومن نعم الله سبحانه وتعالى علينا أن جعلنا نعرف معنى كل إحساس مهما كان سواء كان إحساسا إيجابيا كالحب والحنان والسعادة ….إلخ أو إحساسا سلبيا مثل الغضب والغيرة والحقد…إلخ وأعطانا الله سبحانه وتعالى القدرة على التحكم في أفكارنا,, وكلما درسنا العلوم الحديثة نجد قوة هذا المعنى لأن التغيير فعلا من الداخل من الأفكار والملفات والصورة الذاتية والتقدير الذاتي من القيم والاعتقادات الراسخة المخزنة في العقل الباطن, كل ذلك داخلي وكذلك الأحاسيس والشعور والجذور كل ذلك سببه” الأفكار” لذلك إذا أردت فعلا أن تغير حياتك للأفضل وعندك الرغبة في هذا التغيير وقررت أن تبدأ فابدأ من اليوم ولاحظ أفكارك وتحكم فيها وسترى بنفسك الفرق الكبير والتغير الإيجابي الذي سوف يحدث في حياتك..
الفكر يؤثر على السلوك:
“أن الشخص ليس سلوكه” فالإنسان هو أفضل وأحسن مخلوق خلقه الله سبحانه وتعالى, ولكنه تبرمج بأسلوب حياة وإدراك وقيم واعتقادات سببت له هذا السلوك لذلك فإن أكثر من تسعين بالمائة من سلوكياتنا تلقائية تحدث بدون تقييم أو أي تفكير منطقي لأنها عادة تعودنا عليها واكتسبناها من العالم الخارجي.لذلك لا تعمم الكلام وتقول أن الشخص كذا سلبي لأن ماتصفه هو السلوك وليس الشخص,, والآن سأقدم تفاصيل كل سلوك على حدة:
1/السلوك العدواني أو الهجومي:
وهذا السلوك يتسم بالشراسة لذلك يسميه بعض علماء النفس السلوك الشرس,, يحدث هذا السلوك عند الشخص إذا أدرك أن هناك خطرا عليه أو إذا وجد أن هناك من يمنع عنه شيئا يريد تحقيقه,, ويستخدم الشخص هذا السلوك لكي يتفادى تحمل المسئولية ويفرض رأيه على الآخرين..
2/السلوك المطيع أو المستسلم:
هذا السلوك يستخدمه الشخص للأسباب الآتيه:
لكي يتفادى أي نزاع مع الآخرين.
لكي لا يأخذ المسئولية في مواجهة التحديات.
لكي يتفادى الخوف من النتائج السلبية التي قد يحصل عليها.
لكي لا يجذب إليه الأنظار.
وعموما نجد أن الشخص يتخذ هذا السلوك أسلوبا وطريقة يستخدمها ويتأقلم معها في الحياة وقد يؤدي ذلك إلى شعوره بالإحباط والتعاسة وبأنه أقل من الآخرين مما يجعله لا يثق في نفسه وفي قراراته.
3/السلوك الحازم والواثق من نفسه:
هذا السلوك يختلف بين الرجل والمرأة حيث قيل إن الرجل الذي يتسم بهذا السلوك يكون عنده القدرة على التحكم في الأمور والسيادة التامة على نفسه في معاملاته واتصاله بالآخرين,, أما عن المرأة فقيل إن المرأة التي تتسم بهذا السلوك تكون متحكمة ومتزعمة وتريد أن تثبت لنفسها وللآخرين أنها قادرة على تحمل المسئولية بقدرتها ومهارتها الشخصية..
أما عن التفسير الحقيقي للسلوك الحازم والواثق من نفسه فهو حماية المحيط الذاتي بأمانة وإخلاص حسب الاحتياجات والمتطلبات وهذا السلوك معروف بأنه مكسب للجميع بالتساوي..
الفكر يؤثر على النتائج:
الفكرة تؤثر على الذهن وتجعله يركز على المعنى وبذلك يفتح لك المخ كل الملفات من نفس نوع الفكرة وذلك يؤثر على أحاسيسك فتكون مشتعلة أو هادئة حسب نوع الفكرة ,, والأحاسيس هي وقود السلوك الذي يستخدمه الإنسان في تحركات الجسم وتعبيرات الوجه والحديث وذلك يسبب النتائج التي يحصل عليها الإنسان في هذا الوقت , ثم يأخذ المخ النتائج ويخزنها في الملف الخاص بها في مخازن الذاكرة, فتصبح الفكرة أقوى وأعمق وتبدأ الدورة من جديد من الفكرة إلى التركيز إلى الأحاسيس إلى السلوك إلى النتائج وهكذا إلى الأبد, فإذا رأى الشخص أن النتائج التي يحصل عليها لا تساعده في التقدم في حياته بل تسبب له متاعب نفسية ومادية وأراد أن يحصل على نتائج أخرى إيجابية يجب عليه أولا أن يحدث التغيير في الفكرة الأساسية التي وضعها في ذهنه وكررها أكثر من مرة حتى أصبحت اعتقادا راسخا..
وهناك حكمة صينية تقول :”لو فعلت نفس الشيء ستحصل على نفس النتيجة” فالفعل يسبب رد فعل من نفس نوعه وقد سمى ذلك الفيلسوف الإغريقي سقراط بـ”قانون السببية” فالبذور التي تزرعها تعطيك المحصول من نفس النوع: فلو زرعت بذور التفاح ستحصل بإذن الله على تفاح وهكذا مع الأفكار لو زرعت في ذهنك بذور التفكير السلبي سيكون محصولك ونتائجك سلبية, ولو زرعت في ذهنك بذور الحب والتسامح سيكون محصولك من نفس النوع..
الفكر وتأثيره على الصورة الذاتية:
الصورة الذاتية تعتبر من أسباب التغيير أو عدمه فنجد الشخص السمين الذي يريد أن ينقص وزنه بكل الطرق المتاحة , ولكنه لا ينجح في تحقيق هدفه, لأنه يريد التغيير من الخارج بدون أن يحدث التغيير أولا من داخله
حتى يرى نفسه داخليا وباعتقاد تام بالوزن الذي يريده ,, وأيضا نجد المدخن الذي يريد أن يقلع عن التدخين فيستخدم شتى الوسائل المتواجدة في الأسواق وقد ينجح لفترة ولكنه عندما يواجه أي تحدٍٍ من تحديات الحياة يعود مرة أخرى للتدخين وذلك لأن صورته الذاتية التي رسمها عن نفسه في داخله بأنه مدخن لم تتغير..
وهناك حكمة أفريقية تقول:” لو العدو الداخلي ليس له وجود فالعدو الخارجي لا يستطيع إيذاءك” بمعنى أن أكبر عدو للإنسان هو نفسه كما قال أرسطو:” مشاكلي مع نفسي تتعدى بمراحل مشاكلي مع أي مخلوق آخر” وكل ذلك سببه الأول والأخير هو الأفكار التي كانت السبب في الصورة الذاتية..
الفكر وتأثيره على التقدير الذاتي:
التقدير الذاتي قد يكون من الأسباب الرئيسية في سعادة أو تعاسة الإنسان لأنه يتعامل مع الشعور والأحاسيس فالتقدير الذاتي الضعيف هو السبب الأساسي وراء الإدمان ومعظم السلوكيات السلبية, ويحدث للإنسان لأسباب متعددة من أخطرها عدم الشعور بالحب والحنان , فعندما يشعر الإنسان أنه غير محبوب يفقد التوازن ويبحث عن أي شيء يعوضه عن هذا الحب , فمن المحتمل أن يهرب إلى السلوكيات السلبية بأنواعها..
ماهو التقدير الذاتي؟
هو إحساس الشخص عن نفسه ورأيه في نفسه وسمعته مع نفسه وله ثلاثة جذور أساسية:
1/التقبل الذاتي:
أن يتقبل الإنسان نفسه كما هو يتقبل شكله ويتقبل عائلته وأيضا يتقبل وطنه وقد يقوم بتقليد العالم الخارجي وسلوكياتهم مما يجعله يشعر ببعض الراحة الوقتية ولكن على المدى البعيد لن يعرف من هو حقيقة لأنه لن يستطيع أن يكون واحدا من هذه النوعية من الناس وهذا من ضمن الأسباب التي تجعل الإنسان يشعر بالضياع مهما كان ناجحا..
2/القيمة الذاتية:
وهنا يشعر الشخص أن له قيمة وأنه عضو مهم في المجتمع وأن حياته لها معنى وأن مايفعله مفيد ومهم وأنه يجد تقديرا من الآخرين عن قيمته وقيمة مايفعله,, وهنا لو شعر الشخص أنه لا يجد تقديرا من العائلة أو مدرسيه يشعر بعدم الإتزان وبالشعور بالتمرد والغضب وتجعله حساسا لأي رأي يقال عنه لأنه يشعر أنه أقل من الآخرين وأن مهما عمل لن يجد التقدير.
3/الحب الذاتي:
بمعنى أن يحب الشخص الهدايا التي أنعم الله سبحانه وتعالى عليه بها فمهما كان طوله أو لون جلده أو شكله فهو يحب كل جزء فيه كما هو, ومن الأسباب الأساسية في الحب الذاتي أو عدمه هو البرمجة الأولى التي تبرمج بها الطفل من الوالدين وحملها معه في حياته وفي اتصالاته مع العالم الخارجي,, وكل هذا سببه الأساسي وجذوره الموجودة في العقل الباطن هو الفكرة التي بدأتها ولكي يحدث تغيير في التقدير الذاتي يجب أن يحدث تغيير في الأفكار..
الفكر وتأثيره على الثقة في النفس:
الثقة في النفس هي الفعل مع الاعتقاد أنه مهما كانت التحديات أو المؤثرات الداخلية أو الخارجية ومهما كانت الحالة النفسية أو المادية أو الشخصية , سيصل الشخص بإذن الله إلى تحقيق هدفه.. فالثقة هي القوة الذاتية التي تدفع الإنسان إلى التقدم والنمو والتحسن المستمر وبدون الثقة يعيش الإنسان في ظلال الآخرين ويشعر بالخوف من الفشل ومن المجهول فلا يجرؤ على أي تغيير يجعله يخرج من حيز منطقة الراحة والأمان التي تعود عليها,, ومن الممكن أن يكون الإنسان واثقا من نفسه في شيء معين , ولكنه يصادف تحديا في حياته يجعله يعتقد أنه فاشل وبذلك فهو يفتح في ذهنه ملفا للفشل في هذا الشيء.
فإذا أردت فعلا أن تكون ثقتك في نفسك عالية وقوية ازرع الأفكار الإيجابية التي تغذي ذهنك , وتجعل تركيزك الإيجابي يكون في ثقتك في نفسك مهما كانت الظروف أو التحديات , فيفتح لك المخ الملفات الخاصة بالثقة فتصبح أقوى وأعمق في مخازن الذاكرة في عقلك الباطن مما يؤثر تأثيرا كبيرا على سلوكياتك ونتائجك..
الفكر يؤثر على الحالة النفسية:
أكثر من أي وقت آخر في تاريخ البشرية يعاني معظم الناس من أمراض نفسية فنجد البعض يعاني من القلق والخوف من المستقبل أو من المجهول, ونجد البعض الآخر يعاني من التوتر والإحباط وآخرين يعانون من الوحدة,, ويرجع ذلك لأسباب عديدة منها :
1/التقدم والنمو السريع:
نرى العالم اليوم يجري بسرعة لم نرها من قبل فكل شيء يتحرك بسرعة, وهذا لا يعني أن السرعة غير مفيدة ولكنها سبب من أسباب القلق والخوف والتوتر التي تؤثر تأثيرا كبيرا على الحالة النفسية.
2/التغيير:
السبب الثاني الذي يؤثر علينا جميعا نفسيا هو التغيير السريع الذي نراه الآن, فالتغيير والسرعة من أسباب خروج الناس عن منطقة راحتهم وأمنهم مما يسبب لهم تهديدا في البقاء والاستمرارية فيؤدي ذلك إلى الشعور بالخوف والقلق وفي أحيان كثيرة الاكتئاب.
3/المنافسة:
المؤثر الثالث الذي يؤثر على الحالة النفسية للإنسان هو المنافسة القوية التي سببها التغيير والسرعة.
4/حالة المزاج المنخفض:
وهي حالة نفسية تحدث لنا جميعا من وقت لآخر وتكون السبب في فقدان الحماس لفعل أي شيء حتى ولو كان بسيطا , وتجعل الشخص يشعر وكأن مايفعله ليس له معنى, وحالة المزاج المنخفض قد تكون سببا أساسيا في ضياع فرص كثيرة من الإنسان بل قد تكون السبب في بعض حالات الطلاق, هذه الحالة قد تبدو بسيطة ولكن أثرها قد يؤدي إلى نتائج سلبية كبيرة وزيادة قوة الملفات الذهنية المخزنة في العقل الباطن, ولو بحثنا عن أسباب كل هذه الحالات النفسية ستجد أن جذور معظم الأمراض النفسية يحدث أولا في العقل عن طريق الفكر والتفكير الذي قالت عنه الجامعات العالمية إنه يسبب أكثر من 75% من الأمراض النفسية.
5/حالة الطوارئ الداخلية:
أن الفكرة التي تبدأ بالتفكير في شيء معين تؤثر على الأحاسيس وبما أن الأحاسيس هي وقود الإنسان وبعدها فورا يحدث السلوك, رجع الإحساس إلى الأفكار فزاده قوة ومن الأفكار إلى الأحاسيس فزادت هي الأخرى قوة فرجعت مرة أخرى إلى الأفكار وهكذا من الأفكار إلى الأحاسيس , ومن الأحاسيس إلى الأفكار حتى يصل الإنسان إلى قمة الرغبة فيحدث السلوك, وتسمى هذه الحالة حالة “الطوارئ الداخلية” لأن العالم الداخلي يصبح في حالة طوارئ عالية حتى يحصل الإنسان على مايريد وإن لم يستطيع الحصول على مايريد يصاب بخيبة أمل وإحباط شديد..
الفكر يؤثر على الحالة الصحية:
أن ما يفكر فيه العقل يؤثر على كافة أعضاء الجسم الخارجية من تعبيرات الوجه وتحركات الجسم وأيضا أعضاء الجسم الداخلية من زيادة ضربات القلب وارتفاع أو هبوط درجة حرارة الجسم وطريقة التنفس وضغط الدم مما يؤثر على الكبد والكلى والطحال والمعدة والرئة…إلخ.
وأضافت كلية الطب في سان فرانسيسكو في بحثها عن التحدث مع الذات أن أكثر من 75%من الأمراض العضوية أساسها التحدث مع الذات السلبي وهو مايسميه علماء النفس “التمثيل الداخلي” ومعناه هو الطريقة التي يمثل بها الإنسان حياته داخليا بما في ذلك الأفكار وترتيبها في العقل, وأن ذلك يسبب أمراضا متعددة منها أمراض القلب والصداع والقرحة ويضعف جهاز المناعة والجهاز العصبي.
وقد روي عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم:” لا تتمارضوا فتمرضوا” وهذا يؤكد أن الفكر يسبب الأمراض وأنه حتى لو تمارض الإنسان واستمر في تكرار هذا التمارض ستصبح حقيقة ويسبب لنفسه الأمراض.
الفكر يتخطى الزمن:
هل من الممكن أن تجلس في الماضي أو تحرك كرسيا في الماضي؟ طبعا لا..
ولكن عندك القدرة أن تسبح بفكرك وذهنك إلى أي وقت مهما كان سواء كان ذلك الوقت في الماضي أو الحاضر أو المستقبل, عندك القدرة أن تفكر في شيء أوشخص أو تجربة حدثت في الماضي وأن تسترجع ذكرياتها وتعيشها وكأنها تحدث الآن , ويمكنك أن تفكر في شيء لم يحدث بعد,ومن الممكن الإستفادة من ذلك إيجابيا..
والآن دعنا نقوم بهذه التجربة البسيطة:
فكر في تجربة سلبية حدثت لك في الماضي.
عش التجربة وكأنها تحدث الآن.
والآن تنفس بعمق وارجع في الوقت الحالي.
كما ترى مع أن التجربة حدثت فقط في الماضي ولكن الفكر عنده القدرة أن يسترجعها إلى الوقت الحاضر ويعيش أحداثها مما يسبب له نفس الأحاسيس التي حدثت في وقتها..
وكما ترى الفكرة لها قوة جبارة قد تسبب السعادة إذا استخدمت إيجابيا وقد تسبب التعاسة لو استخدمت سلبيا لآنها قادرة على تخطي الزمن.
الفكر لا يعرف المسافات:
أفكارك عندها القدرة على السفر إلى أي مكان بدون أن تتأثر بالمسافات, فيمكنك الآن أن تفكر في شخص في أي مكان على وجه الأرض يخطر على بالك وأنت في منزلك , ولكي يحدث ذلك كل ماعليك أن تفعله هو أن تفكر في المكان وأفكارك سوف تصل إلى هذا المكان بسرعة تتعدى سرعة الضوء.
الفكر لا يعرف الوقت:
الفكرة عندها القدرة أن تنشط في أي وقت سواء كان ذلك في الليل أو في الصباح أو أي وقت في المساء, ويوجد هناك مايسميه علماء النفس ” الوقت النفسي أو الساعة النفسية” وهي الساعة التي بها يستطيع الإنسان أن يكون في وقت مختلف عن الوقت الحاضر , وقد تكون السبب في تعاسته أو سعادته,, وكلا منا استخدم ولازال يستخدم الوقت النفسي أو الساعة النفسية ونسترجع تجارب وأشياء حدثت لنا وسببت لنا أحاسيس من نوع ما ونشعر بها من جديد في الوقت الحاضر , مع أن الوقت الحاضر مختلف تماما عن الوقت الذي حدثت فيه التجربة, ولكن الأفكار تستطيع أن تكون في أي ساعة وفي أي يوم.
ومن الممكن استخدام الساعة النفسية لصالحنا فمثلا يوميا قبل أن تنام اكتب خمسة أشياء إيجابية قمت بها خلال اليوم , وقد يكون ذلك شيئا بسيطا مثل ابتسامتك لزوجتك أو أولادك أو أصدقائك , أو استماعك لشخص عنده
مشكلة وأراد أن يتكلم مع أحد وساعدته على التخلص من الأحاسيس السلبية, أو زرت مريضا أو كلمته تسأل عن صحته, أو شيء إيجابي عملته في هذا اليوم , وبجانب كل تجربة اكتب بالتقريب الوقت الذي حدثت فيه التجربة , ثم استخدم الساعة النفسية وعد بأفكارك إلى هذه الساعة وعش التجربة مرة أخرى واسترجع تفاصيلها وكأنها تحدث الآن واشعر بنفس الأحاسيس الإيجابية ثم ضع ابتسامة على وجهك وقل الحمد لله ثم نام, وبذلك تستطيع استخدام قوة الفكرة والساعة النفسية في صالحك بدلا من أن تستخدمها ضدك دون أن تدري مدى قوتها.
الفكر يصعد أو ينقص الطاقة:
هناك أربعة أنواع من الطاقة البشرية يستخدمها الإنسان عندما يفكر في شيء ما:
طاقة مرتفـعة إيجابـية. “مثل عندما يكون لديك هدف تود تحقيقه”
طـاقة مرتفـعة سـلبـية. ” عندما تشعر بالغضب تجاه شخص أو شيء معين”
طاقة منخـفضة سلبـية. “عندما تفقد شخص عزيز عليك”
طاقة منخفضة إيجابية. “مثل الخشوع التام في الصلاة”
كل هذه الطاقات فجرت بسبب الفكرة الأساسية التي وضعتها في ذهنك والتي فتحت لك كل الملفات اللازمة من مخازن الذاكرة في عقلك الباطن, فالفكرة عندها القدرة أن تصعد أو تنقص طاقتك فتجعلك تحقق أهدافك أو تبتعد عنها.
الفكر يولد العادات:
كل العادات التي يتبرمج بها الإنسان ويبرمج بها نفسه قوية لا يستطيع تغييرها.. وهذا يجعلنا نفكر ماهي العادة؟ كيف تتكون وكيف تصبح قوة يجد بعض الناس صعوبة كبيرة في تغييرها؟
العادة هي فكرة وضعها الإنسان في ذهنه وربط بها أحاسيسه وكررها أكثر من مرة حتى أصبح المخ يعتقد أنها جزء من تصرفاته.. ولكي تتكون العادات يمر الإنسان بست مراحل أساسية:
التفكير:
في هذه المرحلة يفكر الشخص في الشيء ويعطيه انتباهه ويركز عليه وقد يكون ذلك بسبب فضوله أو أهميته بالنسبة له.
التسجيل:
بمجرد أن يفكر الإنسان في شيء يسجله المخ ويفتح له ملفا من نفس نوع الفكرة ويربطها بجميع الملفات الأخرى التي هي من نفس نوعها أو قد تكون مفيدة لها, والتسجيل هو المرحلة البسيطة التي يستطيع الإنسان أن يبتعد عنها ويغلق الملف لو أراد ذلك.
التكرار:
في هذه المرحلة يقرر الشخص أن يكرر نفس السلوك وبنفس الأحاسيس.
التخزين:
بسبب تكرار التسجيل تصبح الفكرة أقوى فيخزنه العقل بعمق في ملفاته ويضعها أمامك كلما واجهت موقفا من نفس النوع , وإذا أراد الشخص أن يتخلص من السلوك سيجد صعوبة أكبر لأنها مخزنة بعمق في ملفات العقل الباطن.
التكرار:
في هذه المرحلة يكرر الإنسان السلوك المخزن بعمق في العقل الباطن وقد يحدث ذلك شعوريا أو لا شعوريا أي أنه قد يعي أنه يكرر السلوك أو أنه يستخدمه بطريقة تلقائية بدون إدراك واع بذلك وكلما كرر التخزين أصبح أقوى وأعمق.
العادات:
بسبب التكرار المستمر والمرور بالخطوات السابقة يعتقد العقل البشري أن هذه العادة جزء هام من سلوكيات الشخص, وهنا لن يستطيع الشخص تغييرها بمجرد التفكير في التغيير أو بقوة الإرادة أو بالعالم الخارجي وحده, بل يجب عليه أن يغير معناه الذي كونه في الفكرة الأساسية وبرمجة نفسه على الفكر الجديد وتكرار ذلك أكثر من مرة, وبذلك فهو يمر بنفس الخطوات التي كون بها العادة السلبية لكي يضع مكانها عادة إيجابية.
كما ترى الفكر قد يكون بسيطا ولكنه قد يسبب لك العادات الصعب تغييرها.
Views: 122