العبادة في رمضان
هناك ميزة خص الله بها أوقات دون أوقات بالعبادة، فمثلاً خص العشر الأوائل من ذي الحجة، وخصّ يوم عرفة، وخص شهر رمضان من باقي الشهور، وخصّ ليلة القدر في شهر رمضان، وخص العشرّ الأواخر منه، أمّا شهر رمضان فتميّزه بالعبادة تظهر في مضاعفة الأجر فيه، لدرجة أنّ النافلة فيه تعدل أجر الفريضة فيما سواه، وتميّز رمضان بالعبادة إنّما هو تميّز متعلق بحكمة نزول القرآن فيه، فهو تذكير للمسلم بأهمية القرآن الكريم وقيمته، وهناك حكمة أخرى وهي ليبقى المسلم في محطات دائمة يجدد فيها إيمانه وعهده مع الله سبحانه.
فضل العشر الأواخر من رمضان, ماهو فضل العشر الاواخر من رمضان,
كان من نهجه صلى الله عليه وسلم مع العشر الأواخر من رمضان أنّه كان أكثر اجتهاداً في العبادة فيها من سائر الشهر، كما تصف عائشة رضي الله عنها ذلك حيث تقول: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا دخَل العَشْرُ الأواخرُ مِن رمضانَ أيقَظ أهلَه وشدَّ المِئزرَ وأحيا اللَّيلَ) [صحيح]، وقول عائشة: شد المئزر كناية عن تشميره واجتهاده صلى الله عليه وسلم واعتزاله النساء في هذا الوقت من الشهر، فلا عجب من ذلك فهذه الأيام من الشهر فيها ليلة هي خير من ألف شهر، ففيها ليلة القدر التي شهدت نزول القرآن الكريم وجعلها الله في العشر الأواخر، وقيل إنّها في الوتر منها، وقيل إنّها تتنقل بين الوتر منها؛ وذلك ليبقى المسلم مجتهداً بالعبادة فيها كلّها، فليلة يزيد فضل العمل الصالح فيها على الألف شهر تستحق أن نجتهد لأجلها في العشر الأواخر جميعها.
كيفيّة صلاة الليل في العشر الأواخر,
ما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنّه ما كان يزيد في رمضان أو غيره عن إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة، كما ذكرت عائشة رضي الله عنها، ونجد أنّ عمر رضي الله عنه قد جمع المسلمين على صلاة التراويح في المسجد على ثلاث وعشرين ركعة مع الوتر، وهناك من يصليها ست وثلاثين، فكيف يوفق المسلم بين هذه الأرقام؟
لم يثبت إذاً عدد محدد من الركعات فيها، فلم يزد صلى الله عليه وسلم في رمضان ولا في غيره على الثلاث أو الإحدى عشرة ركعة، وعليه فإن كان المسلم مطيلاً في القراءة فليتأسى بالرسول صلى الله عليه وسلّم في ذلك، ومعروف أنّ الرسول كان يطيل في الصلاة بحيث يصلي في الركعة الواحدة البقرة وآل عمران على الأقل، ويركع بمثل هذا الوقت ويقوم من الركوع في مثل هذا الوقت، وكذا في سائر حركاته في الصلاة، فما ينتهي من القيام إلا وقد اقترب وقت دخول الفجر، أمّا إن كان لا يطيل القراءة، فليصلها وليزيد في ركعاتها كما يشاء، والعبرة هي بشغل هذا الوقت بذكر الله وطاعته والتوبة والاستغفار، فالجمع بين زيادة عدد ركعات القيام في العشر الأواخر لتصل إلى العشرين غير الوتر، وبين عدد ركعات قيام الرسول صلى الله عليه وسلم في رمضان وغيره إنّما يكون بحسب مكث المسلم في القراءة، وإطالته للركعة الواحدة ولا تعارض في ذلك.
Views: 139