في زمن تتساقط فيه الأقنعه , ويبدو النهار فيه ليل, في هذا التوقيت تسمع أصوات من مكان بعيد , يبدو وكأنه صراخ أو عويل,آهات وأنات تتحطم فوق رؤوس الصخور, يبدو الذئب وكأنه حمل وديع, يمد يده ليعطيك وما علمت أنه سيرديك, يرنو إليك ليعميك عن الطريق, ثم يقترب بحذر نحوك ليلتقط بعضك أو ليلتهم ما فيك, ولذلك حذرنا ربنا بقوله تعالي: “فلا تتبعوا خطوات الشيطان ” تلك مقدمتى لمن ضاع منها الطريق أو واجهتها الخطوب…
كلنا نعلم أن آدم عليه السلام ,لما أُهبط من الجنة كان آدم في الهند وحواء تاهت عنه في جدة ,فلما تجمعا واجتمع شملهما اجتمعت لهما أسباب السعادة والهناء فالأصل أن الله تعالى أرسل الينا منهج حياة ,قران وسنه ,منهج يقودنا الى السعاده في كل شيء ,بيسر وسهوله ,قال تعالى: “فمن تبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ” فالموضوع اما حياة السعادة او معيشه الشقاء ,اما هدايه او ضلاله ,إما جنة او نار ,هنا تتحدد ملامح السعادة وملامح الشقاوة ,فمن علم رسالة ربه الخالق ,وفهم محتواها وعمل بما فيها ,ودعى الله بالقبول فاز وافلح ومن تنحت عنه السعاده وفارقت محياه باعراضه عن ربه ضل وشقى.
خلق الله تعالى الحياة قائمه على الازدواجيه ذكر وانثى ,رجلا وامراة ,لتحقيق الحكمة من الخلق ويتحقق فيهم صفاته آثار صفات الله ,تعالى واسمائه الحسنى ,قال تعالى “ومن كل شيء خلقنا زوجين ,وقال تعالى ” وليس الذكر كالانثى ” والاسرة هي اللبنة الاولى في المجتمع ,في الاسرة يعيش الاولاد مع ابويهما ,فهما المسؤولان عنهم وعن تربيتهم القائمه على منهج الله فان قام الابوين بحمل الرساله وتبليغ الامانه لاولادهم ,ربحت تجارتهم مع الله,وكان اولادهم لهم قرة عين ,لذلك دعوا الله “ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين ,واجعلنا للمتقين اماما .” وايضا تسمع صوت آسيا امراة فرعون يدوي صوتها في اذنيه تقول عن موسى عليه السلام “قرة عين لي ولك” .
فضياع الاولاد من ضياع الام والاب ,ضياعهما عن منهج الله وجهلهما ,عن معنى الرساله ,والامانه التى حملهما الله اياها ,وفي الزمان الماضي وليس من بعيد ,كان الشمل الى حد ما مجموع ,فاليوم تناثرت الأمور كالعقد اذا انفرط ,فكيف تجمع حباته فالموضوع ليس موضوع ضياع البنات والاولاد,الموضوع اكبر من هذا بكثير ,انه التيه الذي تعيش فيه البشريه الان الا من رحم الله ,مرحله التيه التي مدت خيوطها السوداء لتلتهم كل معنى وكل قيمه ومبدأ رفيع المستوى الى ان وصل التيه الى ضياع الطريق الى رب العالمين ,فتاهت الامه عن ابنها وعن ولدها وتاه الاب عن اولاده بعد ان تاه عن زوجته وتاهت البنت عن اختها ,وتاهت الاسره عن ذويها ,وتاهت الاسر وتباعدت,كما اخبر صل الله عليه وسلم في حديث ابي هريره ” لا تحاسدوا ولا تناجشوا ,ولا تباغضواا,ولا (تدابروا),ولا يبيع احدكم على بيع بعض ,وكونوا عباد الله اخوانا” مسلم
ثم بعد ضياع الاسر يأتى ضياع الشعوب والمجتمعات والامم وكافه البشريه,فأنت ترى بيوتا وقصورا ,وابراجا وخياما ومساكن ,ولكن تجد العنكبوت قد نسج خيوطه حولها ,فاصبحت هشة ,قال تعالى ” ان اوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون” وقعت البيوت تحت اسر الشبكة العنكبوتيه ,فتاهت الرقابة الأسرية وغابت عن الوعي بعد أن وقعت هي الأخرى في شباكها ,فتشابكت الخيوط وتعقدت الامور ودخل الجميع في ضبابيه ,وبرق ورعد وصواعق تصعق الارواح قبل الاجساد والمشاعر ,خطة محكمه وقبضه ساحرة ,تسحر القلوب قبل الابصار ,وبدأ كل واحد من الضحايا يلتقط باداة سحره ليخرب بيته بيده, وهو يلهو ويضحك ويمزح ,والشيطان منه يقترب وهو فرح به يغره ويمد له في الغي ,مددا .يفقهه ويخاطبه ,ويشم قلبه ,فيرى الفتنه تملأ اركانه من اخمص قدميه الى رأسه ويزداد اعجابا به وزهوا ,وتبدأ الايدي تمتد وتضغط على الزر لترى العين وتتمتع وهي ترى بعين الشيطان وتسمع باذنيه ,لقد دخل الانسان الان في مجال الجاذبية ,معركه حاسمه مع الشيطان ,انها جاذبيه النار ,فالنار لها جاذبيه كجاذبيه الارض للقمر ,وكجاذبية القمر للارض ,وجاذبية الشمس للارض او للقمر ,اصبحت البنت الان او الولد ,داخل التغطية فهاهي الآن تسمع صوت من تكتب اليه وترى صورته حقيقة لا مجازا ويراها تخاطبه وتهمس اليه ,تضحك له وتحكي له أسرارها وخبايا حياتها بعد ان غابت عن امها وامها عنها غابت ,وتوارت ,ولم تربها على قوله تعالى ” الم يعلم بأن الله يرى” غابت هذه العقيده وبدأ الشيطان يدنو بخيله ورجله ويشاركه حياتها ويضع لها الخطط والاهداف ويعدها ويمنيها ,وما يعدها الا غرورا ,فيبدو هذا الشاب في نظرها فارس أحلامها وبؤرة شعورها ومع صغر سنها وقلة تجاربها ,وانعدام حكمتها وخلو الساحة من اي مراقبه تتوهم انه الحب ,وانها فازت بقلبه.
ومعلوم ان البنت تميل الى الرومانسيه والأحلام ويسترعي انتباهها زخرف القول غرورا ,وقد وقعت في شباك الشيطان ,ومرت الايام والليالي ,وتزداد الاحلام والاوهام ,وتبدو كالسراب ,ثم تتبدد وتنضح بالالام ,ويتحول الحلم الجميل الى شبح ,في شخص هذا الانسان ,يبدو من بعيد في ظلال شمس المغيب ,وتيأس النفس الضائعة بعد ان يتوه منها من كانت تظن انه حبيب وكأن الدنيا ماخلقت الا لهذا الوهم الذي يسري كاالاثير ,والذي يسمونه عبر صفحات الفيس بوك او منتديات الدردشه ” الحب“.
Views: 7