قصيدة خروج الروح,
وثبتْ على قلبي ملائكة السما أمراً بنزع الروح من جثماني
ففزعتُ مذهولا ًلهم ولأمرهم سكت الفؤادُ لخوفي ولساني
واهتز قلبي من سكوت طلاقتي وفصاحتي وبلاغتي وبياني
فخرستُ من نطقٍ، وقد قام مروّعي يدنو بقربي والظلام عراني
فهربت من أجلي فررت لروعتي فوجدت آهٍ أنني بمكاني
لم أعْدُ شبراً عن مصير رزيتي آهٍ لوجدي وانقطاع زماني
فأتي الشديدُ يجرّني بحرابه جرّ الحقودِ الثائرِ الغضبانِِ
يستلُُّ روحي من رؤوس أصابعي متوسعاً ألماً كما السرطانِ
حتى إذا بلغ العيون تجمدت عيني لتبصرَ موعدَ الرحمنِ
رحماكَ ربي ياعظيمُ فردّني أسعى فإني تاركُُّ طغياني
رحماكَ ربي ياعظيمُ فردني لأتوبَ من فعلي ومن عصياني
لكنهُ الموتُ المقدّرُ في الورى قد غالني تحتَ الترابِ رماني
وكأنني في القبر لم أكُ ساعة قبل الممات مكرما بمكاني
أهلي ووُلدي بل عزيزُ أحبتي كلٌ أتى حزناً عليي بكاني
حتى إذا ابتعدوا قليلاَ هزني غضبُ المنادي للسؤالِ دعاني
فأجبتُ في ربي السؤالَ ونارُه زيدتْ على النيران والنيرانِ
وبقيتُ وحدي في الترابِ نسية لمْ يبقَ لي شيءٌ سوى أكفاني
وعقاربي ترعى عليّ يعينُها في أكلها الآلاف من ديداني
نُسيتْ حياتي والدموعُ تبخّرتْ كل الأخلةِ والجميعُ نساني
حتى انمحى ذكري كمحوِ مخطةٍ خُطتْ على الأوراقِ والجدرانِ
لو جئتني يا منْ سمعت مصيبتي لوجدتني أخزى من الشيطانِ
وشممتَ ريحي والهوامُ بطينة دُعيت لنخرِ العظمِ والأسنانِ
لفهمتَ معنىً للحياةِ بأسرها زُرني فحالي واعظُ الإنسانِ
وارجعْ لسعيكَ في الحياةِ ومصرعي خذهُ اعتباراً في قصيرِ زماني
لاتبنِ بيتاً كالسفيهِ مغرّرٌ بالعزِّ والأولادِ والعمرانِ
فالقبرُ دارٌ لا محالَ دخوله يُبنى ويسكنُ في غضون ثواني.
Views: 203