حُكي أن ملكان ابن أخي ماوية زوج حاتم الطائي قال :
قلت لها يوماً: يا عمة حدثيني ببعض عجائب حاتم وبعض مكارم أخلاقه، فقالت :
يا ابن أخي أعجب ما رأيت منه أنه أصابت الناس سنة قحط أذهبت الخف والظلف وقد أخذني وإياه الجوع وأسهرنا
فأخذت سفانة وأخذ عدياً وجعلنا نعلّلهما حتى ناما، فأقبل عليّ يحدثني ويعللني بالحديث حتى أنام، فرفقت به
لما به من الجوع، فأمسكت عن كلامه لينام، فقال لي أنمت؟ فلم أجبه فسكت ونظر في فناء الخباء
فإذا شيء قد أقبل، فرفع رأسه فإذا امرأة، فقال ما هذا؟
فقالت يا أبا عدي أتيتك من عند صبية يتعاوون كالكلاب أو كالذئاب جوعاً، فقال لها: أحضري صبيانك فوالله لأشبعنهم
فقامت سريعة لأولادها فرفعت رأسي وقلت له يا حاتم بماذا تشبع أطفالها فوالله ما نام صبيانك من الجوع إلا بالتعليل
فقال والله لأشبعنّك واشبعنّ صبيانك وصبيانها، فلما جاءت المرأة نهض قائماً وأخذ المدية بيده وعمد إلى فرسه فذبحه
ثم أجج ناراً ودفع إليها شفرة، وقال قطعي واشوي وكلي وأطعمي صبيانك، فأكلت المرأة وأشبعت صبيانها، فأيقظت
أولادي وأكلت وأطعمتهم، فقال والله إن هذا لهو اللؤم تأكلون وأهل الحي حالهم مثل حالكم! ثم أتى الحي بيتاً بيتاً يقول
لهم انهضوا بالنار فاجتمعوا حول الفرس
وتقنَّع حاتم بكسائه وجلس ناحية فوالله ما أصبحوا وعلى وجه الأرض منها قليل ولا كثير إلا العظم والحافر
ولا والله ما ذاقها حاتم وإنه لأشدهم جوعاً.
Views: 0