لمّا شرعَ المسلمونَ في فتح الأندلس سنة92هـ بقيادة طارق بن زياد ثمّ بمعيّة موسى بن نصير لمّا دخلَ لاحقاً ، كان أن أرسلوا سرية استكشافية بقيادة طريف بن مالك في اوائل رمضان سنة91هـ كان المقصدُ منها سبرُ الأحوال والأوضاع قبل دخول الأندلس ، وقد عُرفَ الموضعُ الأوّلُ الذي وطأتهُ أقدامُ هذه السريّة بـ(جزيرة طريف) نسبةً إلى قائد هذه السرية ، وكانت سريِّتهُ مكونةٌ من اربعمائة رجل معهم مائة فارس عبروا المجاز في أربع مراكب .
ㅤ ㅤ ㅤ
كان طارق بن زياد آنذاك والياً على طنجة ، فعبرَ بمن معهُ من المسلمين في سبعة آلاف رجل متّجهاً إلى الأندلس في رمضان التالي سنة92هـ وذلك بعد نجاح سرية طريف بن مالك وكان أوّلُ منزلٍ نزلهُ في الأندلس عند المضيق على جبلٍ صخريٍ سمّيَ “جبل طارق” وما زالَ هذا المضيقُ يحملُ هذا الاسم الذي سجّل لهُ في تاريخ المسلمين صفحات مشرقة ، كما عرفَ هذا الجبلُ باسم (جبل الفتح) .
ㅤ ㅤ ㅤ
وقد بلغَ عددُ جيش طارق بن زياد سبعة آلاف مقاتل أكثرهم من البربر ، مع وجود بعض العرب في الجيش الداخل إلى الأندلس ، وذهبَ بعضُ المؤرّخينَ كالإدريسيّ إلى أنّ طارقًا قد أمرَ بإحراق السفن فور عبوره المضيق تشجيعاً لجيشه على مقارعة العدو ، وقد ذهب عددٌ من المؤرخين المعاصرين إلى أنّ ذلك لا يصحُّ كالدكتور عبد الرحمن الحجّي ، وذهب الأستاذ محمد عبدالله عنان إلى عدم استحالة كون ذلك ، وكذلك جنحَ الدكتور شوقي أبو خليل إلى صحّة قصّة إحراق السفن .
ㅤ ㅤ ㅤ
وكانت أوّل مدينة افتتحها طارقُ قبلَ لقاءه “لذريق” ملك القوط هي “قرطاجه” وكان أن علم لذريق ملك القوط بدخول المسلمين بلاده عن طريق أحد أمراءه المعروف بـ (تدمير) فسارع للقاء طارق وجيشه قبل توغلهم في البلاد فحشدَ جيشاً كان عدادهُ قريباً من مائة ألف ، فلمّا علم طارق بما حشدهُ من المقاتلين إلاّ أن أرسل إلى موسى بن نصير يطلبهُ المددَ ، فأرسلَ إليه خمسة آلاف مقاتل ويعدُّ هذا المددُ هو العبورُ الثاني لجيوش المسلمين .
وكان أن تقابلَ الجيشان في موضعٍ اسمهُ وادي لكُّة في28رمضان سنة92هـ ، نأتي على ذكرها في يومها بإذن الله .
Views: 4